الوصف
نموذج:
-قول اللبدي رحمه الله في: “دليل الناسـك لأداء المناســك”(ص/60) : “ثم يجمع من يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، بأن كان له عذر من الأعذار المبيحة للجمع. منها: أن يكون سفره سفر قصر، أو يكون مريضاً أو تكون مرضعة، ونحو ذلك مما ذكره الفقهاء، في كتبهم. فعلى هذا: فالمكي والذي أقام بمكة فوق أربعة “أيام لا يجوز له الجمع” ، لكن قال الأمام أحمد: إذا خرج من مكة يريد الوقوف بعرفة، وقصده إذا رجع إلى مكة لا يقيم فيها إلا دون أربعة أيام” يجوز له القصر والجمع بعرفة ومزدلفة. قلت: وفي منى وفي مكة؛ لأنه أنشأ السفر إلى بلده. وقيل : يجوز الجمع بين الظهر والعصر في عرفة، وبين المغرب والعشاء، في المزدلفة مطلقاً، ولو م يجز القصر للمكي وغيره، وصححه شارع المقنع واختاره” أ.هـ. المراد.
مشهورٌ تقريرُهُ واعتمادُهُ في المذهب، قال في : “الانصاف” (5/43) : ” ظاهر كلام المصنف أن أهل مكة ومن حولهم كغيرهم إذا ذهبوا إلى عرفة ومزدلفة ومنى، وهو صحيح. فلا يجوز لهم القصر ولا الجمع على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وجزم به في: “المُسْتَوْعِب” وغيره. وقَدَّمه في: “الفروع” وقال : أختاره الأكثر، وقدمه في: “الفائق” وقال: (لا يجمعون ولا يقصرون عند جمهور أصحابنا)” أ.هـ. المراد. وفيه أيضاً (5/88) قال : “ظاهر قوله : (السفر الطويل) أنه لا يجوز الجمع للمكي ومن قاربه بعرفة ومزدلفة ومنى. وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، ونص عليه” أ.هـ.
وقد شرح ابن قائد النجدي في “شرح العمـدة” (ص/175) قولة الإمام أحمد المذكورة _بقوله: “وتركه _ أي: أصل الجمع بين صلاتين عند عذر يجيز ذلك _ أفضل_, غَيْرَ جَمْعَي عرفة ومزدلفة فيسن بشرطه: بأن لا يكون مكِّيَاً؛ ولا ناوياً الإقامة بمكة بعد المناسك فوق أربعة أيام كأهل مصر والشام في هذه الأزمنة؛ فليس لهم قصر ولا جمع بمكة ولا منى ولا عرفة ولا مزدلفة؛ لانقطاع سفرهم بدخول مكة، لكن قال الأمام أحمد فيمن كان مقيماً بمكة ثم خرج إلى الحج _وهو يريد أن يرجع إلى مكة فلا يقيم بها أي فوق أربعة أيام_: فهذا يصلي ركعتين بعرفة؛ لأنه حين خرج من مكة أنشأ السفر إلى بلده” أ.هـ.
وعلى كلٍ فالحجاج صنفان :
-أولهما: أهل مكة وكذا من هو قريب من مكة دون مسافة سفر (وهي تُقَدَّر بنحو أربعة وثمانين كيلو متراً). فهؤلاء لا يجمعون ولا يقصرون لا في عرفة ولا غيرها. قال اليهوتي في: “كشاف القناع” (1/509): “وأهل مكة ومن حولهم، وهم من دون المسافة من مكة، إذا ذهبوا إلى عرفة ومزدلفة ومنى فليس لهم قصر ولا جمع للسفر؛ لأنهم ليسوا بمسافرين لعدم المسافة، فهم في اعتبار المسافة كغيرهم ؛ لعموم الأدلة” أ. هـ.
-والثاني: غير أهل مكة ومن حولهم, فهؤلاء لهم حالتان:
أما الأولى : فهي أن ينووا الإقامة فوق أربعة أيام في مكة ، ولا يَنْوون السفر عند الذهاب على منى وعرفة بل يَرْجعون إلى مكة بنية الإقامة 0 ففي هذه الحالة لا يجوز لهم القصر ولا الجمع كأهل مكـة قال في: “كشاف القناع” (1 / 509 ) : ” ومثلهم _أي مثل أهل مكة_ من يَنْوي الإقامة بمكة فوق عشرين صلاة ، كأهل مصر والشام ، فليس لهم قصر ولاجمع بمكة ولا منى ولا عرفة ولا مزدلفة ؛ لإنقطاع سفرهم بدخول مكة ، إذ الحاج قصد مكة لعمل مخصوص كما يأتي _أي في تعريف الحج في كتاب الحج_ قال في ” الشرح ” : وإن كان الذي خرج إلى عرفة في نيته الإقامة بمكة إذا رجع لم يقصر بعرفة ” أ 0 هـ 0
وأما الثانية: فهي أن ينووا الإقامة دون أربعة أيام ، وكذا لو نوى السفر فخرج إلى عرفة ومزدلفة ومنى ثم عاد إلى مكة غير ناوٍ الإقامة بل كمَعْبَر له 0 ففي هذه الحالة يجوز لهم الجمع والقصـر؛ لأنهم مسافرون 0 قال اليهوتي في: ” كشــاف القنـاع ” ( 1 / 509 ): ” قال الأمام أحمد في من كان مقيماً بمكة ثم خرج إلى عرفة وهو يريد أن يرجع إلى مكة فلا يقيم بها ، أي: أكثر من أربعة أيام ، فهذا يصلي ركعتين بعرفة ، أي ومزدلفة ومنى ؛ لأنه حين خرج من مكة أنشأ السفر إلى بلده بخروجه من البلد الذي كان نوى الإقامة به ” أ 0هـ .
وعلى ما سبق فيُخَرَّج واقع الحجاج المُخاِلف للمذهب على مخرجين للفقهاء :
-أولهما: الأخذ بالقول القائل ( الجمع والقصر ) جائز للحاج لأجل النسك 0 وهو مذهب المالكية كما في: ” حاشية الدسوقي ” ( 2 / 39 ) ووجه عند الشافعية كما في “مناسك النووي ” ( ص / 308 ) لكن اهل عرفة من المكيين مسنثنون عند المالكية في القصر كما في: ” كفاية الطالب الرياني ” ( 1 / 409 ) وهو وجه آخر عند الشافعيـة كما في: ” مناسك النووي ” ( ص / 308 ) ؛ لذا قال ابن جماعة في: ” هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك ” ( 3 / 1135 ): ” ومذهب الثلاثة غير المالكية : أنه لا يجوز القصر بعرفة إلا للمسافر مسافة القصر. ومذهب المالكية : أنه يقصر بعرفة غير أهلها ويُتِمُّ أهلها ” أ 0 هـ مع قوله (3/1133) قبلُ: ” وعند المالكية : أنه سنة لكل أحد” أ.هـ. أي الجمع.
وبه قال جمع من الأصحاب، قال أبو الفرج المقدسي رحمه الله في : “الشرح الكبير” ( 9 / 157 ) : ويجوز الجمع لمن بعرفة من مكي وغيره. قال ابن المنذر: ( أجمع أهل العلم على أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة. وكذلك كل من صلي مع الإمام). وذكر أصحابنا أنه لا يجوز الجمع إلا لمن بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخاً, إلحاقاً له بالقصر. والصحيح الأول؛ فإن النبي صلي الله عليه وسلم جمع معه من حضر من المكيين وغيرهم, فلم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال: “أتموا فإناً سَفْرٌ ” ولو حُرِّم لبينه لهم؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة, ولا يُقَر النبي صلي الله علية وسلم على الخطأ. وقد كان عثمان رضي الله عنه يتم الصلاة؛ لأنه أتخذ أهلاً بمكة, ولم يترك الجمع. وروي نحو ذلك عن ابن الزبير. وكان عمر بن عبد العزيز والي مكة, فخرج فجمع بين الصلاتين. ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين الخلاف في الجمع بعرفة والمزدلفة, بل وافق عليه من لا يرى الجمع في غيره, فالحق فيما أجمعوا عليه, فلا يعرج على غيره” أ. هـ. وبمثله في : “المغني” (3/426) وهو اختيار أبي الخطاب في “العبادات الخمس” قال في: “الفروع” ( / ): “وهو الأشهر عن أحمد” أ. هـ. واختاره التقي بن تيمية كما في: “مجموع الفتاوى” (26/131) وقال _كما في ” الاختيارات ” لعلاء الدين البعلي (ص/112)_: “ويجمع ويقصر بمزدلفة وعرفة مطلقاًُ, وهو مذهب مالك وغيره من السلف, وقول طائفة من أصحاب الشافعي, واختاره أبو الخطاب في عبادته” أ.هـ. وأشار في : “الإنصاف” (5/43) إلى ذلك بقوله: ” واختار أبو الخطاب في: “العبادات الخمس” والشيخ تقي الدين: جواز القصر والجمع لهم. فيُعَايَى بها. واختار المصنف – أي الموفق -: جواز الجمع فقط. قال في: “الفروع” : (وهو الأشهر عن أحمـد). فيعايى بها”. وبمثلــه في ( 5 / 88 ).
تنبيه: مذهب الشافعية كالحنابلة في عدم جواز الجمع والقصر إلا للمسافر, قّرَّرَهُ النووي في: “المجموع” (8/91). وأما الحنفية فيُجوِّزون الجمع بشروطٍ ذكروها _كما في: الهداية (2/470) و “الفتاوي الهندية” (1/228). والقصر لا يجوز لأهل مكة عندهم كما في: “الفتاوي الهندية” (1/228).
-والثاني: الأخذ بالقول القائل بأن مدة الإقامة للمسافر إن كانت دون أربعة عشر يوماً فإنه يترخص برخص السفر 0 وهو مذهب الحنفيـة كما في : ” حاشية ابن عابدين ” (2/423) والهداية: “1/126”.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.