الوصف
خلاصة مبحث من فصل: الوارد عن الإمام أحمد رضي الله عنه:
لما كان مذهب الإمام ما قاله بدليل ومات قائلا به-كما في “الرعاية” لابن حمدان-، وأُلحق به ما جرى مجرى القول كالتنبيه. قاله الشمس ابن مفلح في “أصوله”-عُني الأصحاب بتتبُّع ما ورد عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه،مع كونه رضي الله عنه لم يؤلِّف كتابا مستقلا في الفقه كما فعله غيره من الأئمة.
ولباب ما في الباب: أن الوارد عن الإمام أحمد رضي الله عنه نوعان:
أولهما: فعل. قال ابن حامد(رحمه الله)في “تهذيب الأجوبة”:”عامة أصحابنا يقولون:إن فعله مذهب له.”ا.هـ، وفيه وجهان أطلقهما في “الرعايتين”و”آداب المفتي”و”أصول ابن مفلح”.وقد رد في “تهذيب الأجوبة” وجه كون الفعل ليس مذهبا للإمام
(رضي الله عنه), مع تقديمه للوجه الآخر.
والثاني: قول. الأصل أن القول مذهب له. قاله ابن حمدان(رحمه الله) في “الرعايتين” وما دل عليه كلامه فهو مذهبه, إن لم يعارضه أقوى منه.”ا.هـ،وكذا في “الفروع” و”آداب المفتي”.
لكن مفهوم كلامه مختلف فيه، وهو كقوله إن سلم عن معارضة ما هو أقوى منه في المشهور. قال ابن حمدان (رحمه الله) في “آداب المفتي”: “اختار الخرقي وابن حامد وإبراهيم الحربي أن مفهوم كلامه مذهبه. واختار أبوبكر أنه لا يكون مذهبه.”ا.هـ
تنبيه: تفسير أصحاب الإمام ورواة مذهبه(قوله) وإخبارهم عن رأيه كنصه وقوله على الأصح. قاله الشمس ابن مفلح(رحمه الله) في الفروع. وجعله ابن حمدان (رحمه الله) في “الرعايتين” وجها بقوله: “وصيغة الواحد من أصحابه ورواته في تفسير مذهبه وإخبارهم عن رأيه كنصه في وجه.”ا.هـ، ونصره ابن حمدان (رحمه الله) في “تهذيب الأجوبة” وجعله صحيح النسبة إلى الإمام ومنوطا به وإليه يعزى وقال وهو بمثابة نصه.”ا.هـ، وحكاه في “آداب المفتي” وقال: “اختاره ابن حامد وغيره.” وهو قياس قول الخرقي وغيره.
وقال ابن حامد: “وخالفنا في ذلك طائفة من اصحابنا مثل :الخلال وأبي بكر بن عبدالعزيز.”ا.هـ
تنبيه: المقيس على كلام الإمام أحمد مذهبه في الصحيح من المذهب. قال الشمس ابن مفلح(رحمه الله) في الفروع :”المقيس على كلام الإمام مذهبه في الأشهر.”ا.هـ وقدمه ابن حمدان (رحمه الله) في “الرعايتين” و”الحاوي” وغيرهم. قال ابن حامد(رحمه الله) في تهذيب الأجوبة:”وهو مذهب الأثرم والخرقي وغيرهما.” وقال عامة مشايخنا- مثل الخلال وأبي بكر عبدالعزيز وأبي علي وإبراهيم – وسائر من شاهدناه: “إنه لا يجوز نسبته إليه.” وأنكروا على الخرقي ما رسمه في كتابه من حيث إنه قاس على قوله. والمأخوذ أن يفصل فما كان من جواب له في أصل يحتوي مسائل خرج جوابه عل بعضها،فإنه جائز أن ينسب إليه بقية مسائل ذلك الأصل من حيث القياس. فأما أن يبتدئ بالقياس في مسائل لا شبه لها في أصوله، ولا يؤخذ عنه منصوص يبنى عليه، فذلك غير جائز.”ا.هـ
وأطلق الشمس ابن مفلح(رحمه الله) في أصوله القولين ، وقيل: إن جاز تخصيص العلة وإلا فهو مذهبه، قال ابن حمدان(رحمه الله)في “الرعاية الكبرى”:”إن نص عليها أو أومأ إليها،أو علل الأصل بها فهو مذهبه وإلا فلا، إلا أن تشهد أقواله وأفعاله وأحواله للعلة المستنبطة بالصحة والتعيين.”ا.هـ. وجزم به في الحاوي.وهو قريب مما قاله ابن حامد. وقال ابن حمدان (رحمه الله) في “الرعاية الصغرى” بعد حكاية القولين الأولين:”إن كانت العلة مستنبطة فلا نقل ولا تخريج.”ا.هـ
وعليه فإن أفتى الإمام أحمد(رضي الله عنه) في مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين جاز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة إلى أخرى على القول بأن المقيس على كلام الإمام مذهبه.
وبجواز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة إلى الأخرى:جزم به في المطلع وقدمه ابن حمدان (رحمه الله)في “الرعايتين” واختاره النجم الطوفي(رحمه الله) في مختصر الروضة وشرحه وقال:”إذا كان بعد الجد والبحث.”ا.هـ. وكثير من الأصحاب على ذلك، وقد عمل بهالموفق ابن قدامة (رحمه الله) في المقنع في باب ستر العورة وغيره.
إلا أن الصحيح من المذهب أنه لا يجوز كقول الشارع. ذكره أبو الخطاب الكلوذاني (رحمه الله) في التمهيد وغيره. وقدمه الشمس ابن مفلح (رحمه الله) في أصوله والطوفي(رحمه الله) في أصوله وغيرهما. وجزم به الموفق ابن قدامة (رحمه الله) في الروضة.
وعلى المذهب(وهو عدم الجواز)يكون القول المخرج وجها لمن خرجه, وعلى الثانية: يكون رواية مخرجة. ذكره ابن حمدان وغيره. وأطلقهما الشمس ابن مفلح (رحمه الله) في آداب المفتي.
وأما على القول بالجواز فمن شرطه أن لا يفضي إلى خرق الإجماع.
تمت بحمد الله
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.