رد الإجماع على حرمة حلق اللحية

     

رد الإجماع على حُرْمة حلق اللحية

بقلم:  (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

 

     الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

     فقد شاعت حكاية الإجماع  على عدم جواز حلق اللحية في حق الرجل، والعمدة فيه قول ابن حزم الظاهري رحمه الله في كتابه: “مراتب الإجماع” ( ص/ 157- ط 3 دار زاهد القدسي- باب الصيد و الضحايا والذبائح والعقيقة وما يحل وما يحرم) :”واتفقوا أن حلق جميع اللحية مثلة لا تجوز” اهـ 

     وينقض بمجموع ما يلي:

     أولا: أن معتمد مذهب السادة الشافعية هو كراهة حلق اللحية دون تحريم! وقد نصوا على ذلك، ومنه قول العلامة الدمياطي رحمه الله تعالى في: “إعانة الطالبين”( 2 / 240) عند قول الشارح (ويحرم حلق اللحية) ما نصه :” المعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام(زكريا الأنصاري) وابن حجر في: “التحفة” والرملي والخطيب (الشربيني) وغيرهم=الكراهة”انتهى. بل ضعفوا التحريم عندهم، ومنه قول الرملي رحمه الله تعالى -كما في” الفتاوي”(4/69- بهامش فتاوي ابن حجر) : “حلق لحية الرجل ونتفها مكروه لا حرام . وقول الحليمي ‏في “منهاجه” لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه ضعيف” انتهى. 

     وعليه: فالخلاف في حلق اللحية واقع، ومذهب السادة الشافعية كاف في إثباته، وقرًّره مذهبا مَنْ يُؤْخذ عنه المذهب، يقول العلامة علوي السقاف الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه: “مختصر الفوائد المكية”(74) -مابين المعقوفين زيادة توضيحية-:”فذهب علماء مصر أو أكثرهم إلى اعتماد ما قاله الشيخ محمد الرملي في كتبه خصوصا في نهايته [وهو نهاية المحتاج لشرح المنهاج شرح فيه منهاج الطالبين للنووي ] لأنها قرئت على المؤلف إلى آخرها في أربعمائة من العلماء فنقدوها وصححوها فبلغ صحتها إلى حد التواتر وذهب علماء حضرموت والشام والأكراد وداغستان وأكثر اليمن والحجاز إلى أن المعتمد ما قاله الشيخ ابن حجر[أي الهيتمي] في كتبه بل في تحفته [تحفة المحتاج لشرح المنهاج شرح به منهاج الطالبين للنووي] لما فيها من إحاطة نصوص الإمام مع مزيد تتبع المؤلف فيها ولقراءة المحققين لها عليه الذين لا يحصون كثرة ثم “فتح الجواد” ثم “الإمداد” ثم “شرح العباب” ثم “فتاويه” هذا ما كان في السالف عند علماء الحجاز ثم وردت علماء مصر إلى الحرمين وقرروا في دروسهم معتمد الشيخ الرملي إلى أن فشا قولهم فيهما حتى صار من له إحاطة بقولهما يقررهما من غير ترجيح وقال علماء الزمازمة تتبعوا كلامهما فوجدوا مافيهما عمدة مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه”ا.هـ

     ثانيا: أن قوله: ( واتفقوا ) يحتمل غير (أجمعوا) خصوصا أن ابن حزم قد قال في: “مراتب الإجماع (ص/178) : “وليعلم القاريء أن بين قولنا: (لم يجمعوا) و بين قولنا: (لم يتفقوا)= فرقا عظيما” انتهى.

     وعليه: فيحمل على اتفاق جماهير الفقهاء وأكثرهم، خاصة وأن هناك قولا في مذهب السادة الشافعية على التحريم، بينه جماعة، ومنه قول العلامة عبدالله الجرهزي رحمه الله تعالى في: “حاشية المنهج القويم”(1/145-المنهاج) : “اعتمد ابن زياد -تبعا للأذرعي والحليمي والقفال والشاشي ونص “الأم” – التحريم”انتهى.

     ثالثا: أنه ربما أراد الجناية على اللحية بالحلق تمثيلا بصاحبها، ويقويه قول ابن حزم في: “المحلى”(2/189) : “واتفقوا :على أنَّ حلقَ اللحيةِ مُثلَةٌ لا يجوز”أ.هـ . والجناية على اللحية متفق على حرمته عند الفقهاء.

     والخلاصة: أن الإجماع لا يصح لتحقُّق وقوع الخلاف، وأن عبارة ابن حزم يدخلها الاحتمال والتأويل.

     هذا، والله أعلم.

تمت بحمد الله 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *