(وَأَعْظَمُ الْأُمُورِ خَطَرًا وَقَدْرًا وَأَعُمُّهَا نَفْعًا وَرِفْدًا مَا اسْتَقَامَ بِهِ الدِّينُ وَالدُّنْيَا وَانْتَظَمَ بِهِ صَلَاحُ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى؛ لِأَنَّ بِاسْتِقَامَةِ الدِّينِ تَصِحُّ الْعِبَادَةُ، وَبِصَلَاحِ الدُّنْيَا تَتِمُّ السَّعَادَةُ. وَقَدْ تَوَخَّيْت بِهَذَا الْكِتَابِ الْإِشَارَةَ إلَى آدَابِهِمَا ، وَتَفْصِيلَ مَا أُجْمِلَ مِنْ أَحْوَالِهِمَا ، عَلَى أَعْدَلِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ إيجَازٍ وَبَسْطٍ أَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ تَحْقِيقِ الْفُقَهَاءِ ، وَتَرْقِيقِ الْأُدَبَاءِ ، فَلَا يَنْبُو عَنْ فَهْمٍ ، وَلَا يَدِقُّ فِي وَهْمٍ ، مُسْتَشْهِدًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ – جَلَّ اسْمُهُ – بِمَا يَقْتَضِيهِ ، وَمِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ – بِمَا يُضَاهِيهِ ، ثُمَّ مُتْبِعًا ذَلِكَ بِأَمْثَالِ الْحُكَمَاءِ ، وَآدَابِ الْبُلَغَاءِ ، وَأَقْوَالِ الشُّعَرَاءِ ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَرْتَاحُ إلَى الْفُنُونِ الْمُخْتَلِفَةِ وَتَسْأَمُ مِنْ الْفَنِّ الْوَاحِدِ)
هكذا استهلَّ الإمام الفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي الشافعي (ت/ 450 هـ) رحمه الله تعالى كتابه: “أدب الدنيا والدين“،
وهو الديوان الجامع لقواعد الآداب، (ببيان شافٍ، واختصارٍ كافٍ، ومعنىً سديدٍ، مُفْتَقِرٍ إليه كلُّ مفيدٍ ومستفيدٍ)كما قاله شارحه خان زاده الأرزنجاني رحمه الله تعالى.
وكنتُ بفضل الله قد قرأتُه قبل سنين بعيدة لكن على نشْرَةٍ ليستْ بتلك! حتى أصدرتْ دارُ ابنِ كثيرٍ نشرتها بعناية ياسين السَّوَّاس، فعكفْتُ عليه أياماً ألتقط دُرَره، وأُصْغي لصَوْتِ بيانه الآسِر.
ثمَّ فاجأتْنا دارُ المنهاجِ بجُدَّة بإخراجٍ علميٍّ زاهٍ للكتاب سنة(1434هـ)،
تميَّزتْ بحُسْن الطباعة، وجَوْدة التقسيم لفِقْراته، مع توثيق نقوله، وتدقيق نصوصه،…مزايا تجعل المرء يتعشَّقه:
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه** وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
وجزاهم الله خيرا…
وكَتَبَ/
(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به
الدِّيارُ الحِجازِيَّةُ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها اللهُ