المقلد في الفروع يرجح مذهبه ولا ينكر على المخالف

 

عنوان: المقلد في الفروع يرجّح مذهبه ولا ينكر على المخالف

بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

    يسارع بعض الصالحين إلى إنكار قول فقهي لمجتهد كالإمام أبي حنيفة رضي الله عنه،مع كون مسائل الفروع الإجتهادية لاإنكار فيها،يقول الموفق ابن قدامة رحمه الله تعالى-كما في: “الآداب الشرعية”(1/168)-: “لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العلم بمذهبه ، فإنه لا إنكار على المجتهدات“أ.هـ. قال النووي رحمه الله تعالى في “الروضة”( / )-عن:”تنبيه الغافلين”(ص/ 101)-: ” ثم إن العلماء إنما ينكرون ما أجمع على إنكاره، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، لأن كل مجتهد مصيب، أو المصيب واحد ولا نعلمه، ولم يزل الخلاف بين الصحابة والتابعين في الفروع ولا ينكر أحد على غيره، وإنما ينكرون ما خالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً”أ.هـ. 

 

    لكن الإنتصار لقول يعتقد المقلد رجحانه صحيح؛ كإنتصار المالكي لإرسال اليدين في الصلاة،وانتصار الشافعي للقنوت في الفجر،… وبه جرى العمل؛لأن الأصل في حق المقلد اعتقاد رجحان مذهبه، جاء في: ” جمع الجوامع مع شرح المحلي”(2/400) مانصه: “والأصح انّه يجب على العامي وغيره ممّن لم يبلغ رتبة الإجتهاد التزام مذهب معيّن من مذاهب المجتهدين يعتقده أرجح من غيره أو مساوياً له وإن كان نفس الأمر مرجوحاً على المختار المتقدّم“.أ.هـ. وفي “فتح العلي المالك” (ص/190) قال: “وأمّا العالم الذي لم يصل رتبة الإجتهاد والعامي المحض فإنه يلزمهما تقليد المجتهد لقوله تعالى: “فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” والأصح أنّه يجب التزام مذهب معيّن من مذاهب المجتهدين يعتقد أنه أرجح من غيره أو مساو ، وينبغي لهما في المساوي السعي في رجحانه ليتجه لهما اختياره على غيره“.أ.هـ. وقال ابن المبرد رحمه الله تعالى في “مغني ذوي الأفهام” (ص/76): “وعلى أهل كل مذهب: اعتقاد أن إمامه أعلم من غيره،وأن مذهبه الصواب”ا.هـ.

 

   وترجيح المقلد لمذهب على آخر ليس ترجيحا استدلاليا،خلافا للمجتهد،يقول ابن الصلاح رجمه الله تعالى –كما في: “ فتح المعين بهامش إعانة الطالبين لزين المليباري” (4/233)-:” إن الله أوجب على المجتهدين أن يأخذوا الراجح، وأوجب على غيرهم تقليدهم فيما يجب عليهم العمل به”أ.هـ المراد.

 وأوضحه الكيرانوي رحمه الله تعالى في كتابه: “فوائد في علم الفقه” (ص/85 ـ مع إعلاء السنن) بقوله: “فإن قلت: إذا لم يكن من أهل الترجيح فكيف يختار مجتهداً للتقليد دون آخر؟ قلت: ترجيح المجتهد لا يحتاج إلى دليل خاص، بل يكفي فيه ميلان القلب إلى الذي يختاره للتقليد وحسن الظن به بوجه من الوجوه . بخلاف ترجيح المسألة على المسألة فإنه لا يكون إلا من دليل، وهو ليس من أهل الاستدلال .هذا هوالفرق،فافهم .
قال العبد الضعيف: وأيضاً فمنشأ ترجيح مجتهد على آخر كون مذهب الأول شائعاً في بلاده، وتيسر الرجوع إلى علماء مذهبه وكتبه دون الثاني” ا.هـ المراد .

 

 

مقتطف من مقدمة رسالة:”شبهات في التمذهب…عرض ونقض”لخادم الشريعة

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *