عنوان: العملة النقدية المعاصرة مختلف في وجوب زكاتها
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
يُلْغي بعْضُ الباحثين الخِلافَ في زكاة العُمْلة النَّقدية اليوم جازما بوجوبها! مُلْحِقا لها بالنقدين الذهب والفضة؛ لعلَّة الثمنية!
ومشهورٌ عند جماهير الفقهاء أنه لا زكاة في الفلوس إلا إن اتُّخِذَتْ عروض تجارة؛ لأنها ليستْ من أصناف الأموال الزكوية كالنقدين (الذهب والفضة)
– قَرَّره من الحنفية جماعة، ومنهم صاحب : “الفتاوي الهندية” (1/179) بقوله : “وأما الفلوس فلا زكاة فيها إذا لم تكن للتجارة، وإن كانت للتجارة فإن بلغتْ مائتين وجبت الزكاة، كذا في : “المحيط” “أ.هـ.
-وقرره من المالكية جماعة، ومنهم الدردير في : “الشرح الكبير” (1/418ـ مع الدسوقي) بقوله : “وأشعر اقتصاره على الوَرِق ـ أي : الفضة ـ والذهب أنه لا زكاة في الفلوس النحاس وهو المذهب” أ.هـ.
-وقرره من الشافعية جماعة، ومنهم الأبنابي في : “موهبة ذي الفضل على شرح ابن حجر على مقدمة بافضل” (4/29) ونص فيه على ذلك .
-وقرره من الحنابلة جماعة، ومنهم البهوتي في : “شرح المنتهى” (1/401) بقوله : “الفلوس ولو رائجة عروض، والعروض تجب الزكاة في قيمتها إذا بلغت نصاباً إذا ملكت بنيَّة التجارة مع الاستصحاب إلى تمام الحول، أما لو ملكها لا بنية التجارة ثم نواها فلا تصير لها” أ.هـ.
وعليه خُرِّجتْ العُمْلة النقدية المعاصرة عند جَمْهرة من أتباع المذاهب،كابن عِلّيش رحمه الله حيث قال- كما في: “فتاويه”(1/164)- : ” ويَقْرب من ذلك أن الفلوس النُّحاسية المختومة بخاتم السلطان المتعامل بها لا زكاة في عينها لخروجها عن أموال الزكاة الأربعة“أ.هـ المراد.وابن سعدي رحمه الله –كما في: “فتاويه”(ص/319)-حيث قال: “… وهذا الورق ، وإن اتصف بالثمنية كالنقدين ، لكنه يخالفهما في ذاته ومعدنه ، فلا يعطى حكم الذهب والفضة بإطلاق ، كما أن أنواع الجواهر الثمينة لا يحكم لها بأحكام النقدين ، وإلا لأدخلنا في كلام الشارع ما ليس منه“أ.هـ المراد.وللشيخ العلامة محمد علي بن حسين المالكي(ت/1367هـ) رحمه الله رسالة في تقرير الخلاف سماها:”شمس الإشراق في حكم التعامل بالأوراق”
لكن العمل والفتوى اليوم على أن الزكاة واجبة في العُمْلة النقدية على اختلاف ألقابها، وقررته مجامع فقهية وغيرها؛ وانتصر له جماعة من العلماء، ومنهم الشيخ العلامة حسنين مخلوف رحمه الله في رسالة سماها: “التبيان في زكاة الأثمان” ، وقال فيها: “ولو فرض أنه ليس في البنك شيء من النقود – الرصيد – ونظر إلى تلك الأوراق في ذاتها ، بقطع النظر عما يعادلها من الذهب وعن الالتزام المرقوم عليها ، واعتبر فقط إصدار الحكومة لها ورواجها أثمانًا – لكانت كالنقدين تجب زكاتها لمجرد الثمنية ، ولو لم تكن خلقية“أ.هـ. وهو قول عند الحنفية جعله ابن عابدين في : “الحاشية” (2/32) مشهور المذهب؛وذلك أن الفلوس إذا أصبحت أثماناً رائجة فإن فيها الزكاة.
والله أعلم .
تمت بحمد الله