عنوان: خطر تكفير المسلم
بقلم: خادم الشريعة (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
<!–[if gte vml 1]>
إن لتكفير المسلم خطراً عظيما،وأثرا جسيما،تبينه أشياء:
+أولها: ما جاء مِنْ وعيدٍ في ذلك، ومنه ما جاء في الصحيحين أَنَّ النَّبِيّ e قال: [مِنْ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما](<!–[if !supportFootnotes]–>[1]<!–[endif]–>)، وكذَلِك ما جاء في صحيح مسلم أَنَّ النَّبِيّ e قال: [مِنْ دعا رجلا بالكفر أو قال: عدو الله وليس كذَلِك إلا حار عليه – أي رجع إليه](<!–[if !supportFootnotes]–>[2]<!–[endif]–>).
قال الحافظ ابن حجر(<!–[if !supportFootnotes]–>[3]<!–[endif]–>)رحمه الله في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" حيث قال:’’والتحقيق أَنَّ الحَدِيْث سيق لزجر المسلم عَنْ أن يقول ذَلِك لأخيه المسلم‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[4]<!–[endif]–>).
ثم قال:’’فمعنى الحَدِيْث: فقد رجع عليه تكفيره فالراجح – والكلام له – التَكْفِيْر لا الكفر فكأَنَّه كفر نفسه؛ لكونه كفر مِنْ هو مثله ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[5]<!–[endif]–>).
ولِذَلِك قال الشوكاني (<!–[if !supportFootnotes]–>[6]<!–[endif]–>)–يَرْحَمُه الله- في كتابه "السيل الجرار المتدفق عَلَى حدائق الأنوار":’’ففي هَذِه الأحاديث، وما ورد موردها: أعظم زاجر وأكبر واعظ عَنْ التسرع في التَكْفِيْر‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[7]<!–[endif]–>).
+ ثانيها: أَنَّ التَكْفِيْر حكم شرعي كغيره مِنْ أحكام الإسلام؛
وقد اشتهر عَنْ الأئمة عَلَى اختلاف مذاهبهم تَقْرِيرُ ذَلِك، يقول أبو حامد الغزالي(<!–[if !supportFootnotes]–>[8]<!–[endif]–>) –يَرْحَمُه الله- في كتابه "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" يقول:’’الكفر حكم شرعي كالرق والحرية مثلاً، ومعناه إباحة الدم والحكم بالخلود في النار، ومدركه شرعي فيدرك إما بنص وإما بقياس عَلَى منصوص‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[9]<!–[endif]–>)
ويقول القاضي عياض (<!–[if !supportFootnotes]–>[10]<!–[endif]–>)–يَرْحَمُه الله-كما في كتابه"الشفا":’’اعلم أَنَّ تحقيق هَذَا الفصل وكشف اللبس فيه – يعني: التَكْفِيْر – مورده الشرع ولا مجال للعقل فيه‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[11]<!–[endif]–>)، ويقول أيضا ابن الشاط (<!–[if !supportFootnotes]–>[12]<!–[endif]–>)في بعض كتبه(<!–[if !supportFootnotes]–>[13]<!–[endif]–>):’’كون أمر ما كفرا ليس مِنْ الأمور العقلية؛ بل هو مِنْ الأمور الوضعية الشَّرْعِيَّة، فإذا قال الشارع في أمرٍ ما هو كفر فهو كذَلِك؛ سواءً كان ذَلِك القول إنشاءً أم إخباراً‘‘ (<!–[if !supportFootnotes]–>[14]<!–[endif]–>).
ولِذَلِك عقد الفقهاء في المذاهب المتبعة المشهورة باباً سموه باب الردة؛ ليبينوا أحكامه الشَّرْعِيَّة.
وممن أكَّد تلك الحقيقة التقي ابن تيمية–يَرْحَمُه الله-حيث قال في:"درء تعارض العقل والنقل":’’الكفر حكم شرعي متلقى عَنْ صاحب الشريعة، والعقل قد يعلم به صواب القول وخطأه، وليس كل ما كان خطأً في العقل يكون كفراً في الشرع، كما أَنَّه ليس كل ما كان صواباً في العقل تجب في الشرع معرفته‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[15]<!–[endif]–>).
وقال في:"الرد عَلَى البكري":’’فبهَذَا كان أَهْل العلم والسُنَّة لا يكفرون مِنْ خالفهم، وإن كان ذَلِك المخالف يكفرهم؛ لأَنَّ الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله – أي يقال لك: كافر. فتقول أنتم الكفرة؛ يقال لك: مبتدع. فتقول أنتم المبتدعة، وهكذا مِنْ ألقاب تتعلق بالإيمان والأحكام عند أَهْل السُنَّة والإيمان معروفة– فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأَهْلك، ليس لك أن تكذب عليه ولا تزني بأَهْله؛ لأَنَّ الكذب والزنى حرام لحق الله تعالى، وكذَلِك التَكْفِيْر حق الله، فلا يكفر إلا مِنْ كفره الله ورسوله‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[16]<!–[endif]–>).
+ ثالثها: آثَار التكفير للأفراد والجماعات: فإنَّ المرء إذا حَكَمَ بالكفرِ عَلَى أحد ثبت بذَلِك أحكام وآثَار،فمنها أن لا يُصَلَّى وراءَ صاحبِ بدعةٍ كفريةٍ؛ فقد خرج اللالكائي(<!–[if !supportFootnotes]–>[17]<!–[endif]–>) –يَرْحَمُه الله- في "شرح أصول اعتقاد أَهْل السُنَّة والجَمَاعَة" بسنده إِلَى واثلة الأسـقع أَنَّه سئل عَنْ الصلاة خلف القدري، قال:’’لا يصلى خلفه، أما لو صليت خلفه لأعـدت‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[18]<!–[endif]–>).
وفي كتاب "السُنَّة" لعبد الله بن الإمام أحمد –يرحمهما الله- مسنداً إِلَى ابن أبي مطيع أَنَّه سئل عَنْ الجهمية، فقال:’’كفار ولا يصلى خلفهم‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[19]<!–[endif]–>).
وبنحو ذَلِك تكاثرت النقول عَنْ الأئمة –يرحمهم الله-،كالإمام مالك –يَرْحَمُه الله-كما في "المدونة الكبرى"(<!–[if !supportFootnotes]–>[20]<!–[endif]–>)، وكأبي يوسف صاحب أبي حنيفة كما في "شرح أصول اعتقاد أَهْل السُنَّة والجَمَاعَة"(<!–[if !supportFootnotes]–>[21]<!–[endif]–>) .
وخرج أبو داود في: "مَسَائِله عَنْ الإمـام أحمـد" أَنَّه قال عَنْ الجهمية:’’أنا أعيد، ومتى ما صليت خلف أحد ممن يقول: القرآن مخلوق فأعيد لِذَلِك‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[22]<!–[endif]–>).
قال البربهاري –يَرْحَمُه الله- في "شرح السُنَّة":’’والصلوات الخمس جائزة خلف مِنْ صليت إلا أن يكون جهمياً؛ فإنه مبطل وإن صليت خلفه فأعد صلاتك‘‘(<!–[if !supportFootnotes]–>[23]<!–[endif]–>).
تلك أشياء ثلاثة؛ ينجمع بها ما يتعلق بأَخْطَار وآثَار التَكْفِيْر، وبه يستدل عَلَى عظم خطر التَكْفِيْر وعظيم آثَاره.
مقتبس من "دروس في التكفير" لخادم الشريعة
<!–[endif]–>
(3) الإمام الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني الشافعي، المصري مولداً ووفاتاً ، المتفنن في العلوم ، والمحدث الذي أحيا سنة الإملاء في الحديث ، من مؤلفاته:[فتح الباري]:ولاهجرة بعده ، و[لسان الميزان]:في علم الرجال ، و[الإصابة في معرفة الصحابة].راجع ترجمته في :"شذرات الذهب"(7/270) ، و"الأعلام"(1/178). .
(1) حجة الإسلام الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الأصولي الفقيه أخذ العلم عن إمام الحرمين الجويني ، وعظمت منزلته جداً ألَّف تصانيف كثيرة منها : [إحياء علوم الدين] ،و[المستصفي] و[المنخول]: في أصول الفقه. ت:(505). انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان"(3/353) ، و"طبقات الشافعية الكبرى"(4/101).