Search
Close this search box.

نقد عزو القول بالتأثير لأئمة السنة

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

   هناك من يعزو لبعض أهل السنة كالإمام أبي المعالي الجويني رحمه الله تعالى القول بأن للعبد تأثيرا حقيقيا في وجود فعله،وكيَّفه الدكتور محمد عابد الجابري –كما في: 1430/6/3 من صحيفة الإقتصادية-بقوله: “فهو يرى أن إثبات قدرة (للإنسان) لا أثر لها بوجه، كما يقول الأشعري، هو كنفي القدرة أصلا؛ وأما إثبات التأثير لهذه القدرة في حالة دون أخرى كما يقول الباقلاني، فشيء لا يعقل، لأن القول بهذا كالقول بنفي التأثير. من أجل هذا –يقول الجويني: “لا بد من نسبة التأثير إلى فعل العبد وقدرته حقيقة” ولكن “لا على وجه الإحداث والخلق”، لأن الذي يخلق يشعر باستقلاله، كما أن الخلق يعني الإيجاد من العدم. والحال أن الإنسان، كما يشعر بقدرته على الفعل يشعر أيضا بعدم استقلاله في فعله: “فالفعل يستند وجوده إلى القدرة، والقدرة يستند وجودها إلى سبب آخر تكون نسبة القدرة إلى ذلك السبب كنسبة العقل إلى القدرة، وكذلك يستند سبب إلى سبب حتى ينتهي إلى مسبب الأسباب، فهو الخالق للأسباب ومسبباتها”. ثم يضيف الشهرستاني الذي أورد ما ذكرنا قائلا : “وهذا الرأي أخذه (الجويني) من الحكماء الإلهيين وأبرزه في معرض (علم) الكلام” (الملل والنحل ج3 ص97)،هل يعني هذا أن الأشاعرة تجاوزا المعتزلة وتبنوا موقف الفلاسفة وقالوا بالسببية، أعني بتسلسل الأسباب، إلى السبب الأول، بوصفها “أسبابا ثانوية” ولكن مؤثرة تأثير العلة في المعلول؟ الواقع أن فكرة “السبب” عند الجويني مرتبطة بالإطار المرجعي البياني وليس بالإطار المرجعي البرهاني، وبالتالي، فإذا كان الجويني قد أخذ عن الفلاسفة فكرة تسلسل الأسباب إلى السبب الأول فهو إنما أخذ الشكل دون المضمون”انتهى المراد.أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي]البقرة:   “: [ اختلف أهل السنة والمعتزلة في تفسير الكسب ، أما أهل السنة فقد اتفقوا على أنه ليس معنى كون العبد مكتسبا دخول شيء من الأعراض بقدرته من العدم إلى الوجود ، ثم بعد اتفاقهم على هذا الأصل ذكروا لهذا الكسب ثلاث تفسيرات . 
أحدها : وهو قول الأشعري رضي الله عنه أن القدرة صفة متعلقة بالمقدور من غير تأثير القدرة في المقدور ، بل القدرة والمقدور حصلا بخلق الله تعالى ، كما أن العلم والمعلوم حصلا بخلق الله تعالى ، لكن الشيء الذي حصل بخلق الله تعالى وهو متعلق القدرة الحادثة هو الكسب . 
وثانيها : أن ذات الفعل توجد بقدرة الله تعالى ، ثم يحصل لذلك الفعل وصف كونه طاعة أو معصية وهذه الصفة حاصلة بالقدرة الحادثة ؛ وهو قول أبي بكر الباقلاني.
وثالثها : أن القدرة الحادثة والقدرة القديمة ، إذا تعلقتا بمقدور واحد وقع المقدور بهما ، وكأن فعل العبد وقع بإعانة الله ، فهذا هو الكسب وهذا يعزى إلى أبي إسحاق الإسفراييني لأنه يروى عنه أنه قال : الكسب والفعل الواقع بالمعين . 

أما القائلون بأن القدرة الحادثة مؤثرة ، فهم فريقان : 
الأول : الذين يقولون بأن القدرة مع الداعي توجب الفعل ، فالله تعالى هو الخالق للكل بمعنى أنه سبحانه وتعالى هو الذي وضع الأسباب المؤدية إلى دخول هذه الأفعال في الوجود والعبد هو المكتسب بمعنى أن المؤثر في وقوع فعله هو القدرة ، والداعية القائمتان به ، وهذا مذهب إمام الحرمين رحمه الله تعالى اختاره في الكتاب الذي سماه بالنظامية ويقرب قول أبي الحسين البصري منه وإن كان لا يصرح به . 

الفريق الثاني من المعتزلة : وهم الذين يقولون : القدرة مع الداعي لا توجب الفعل ، بل العبد قادر على الفعل والترك متمكن منهما ، إن شاء فعل وإن شاء ترك ، وهذا الفعل والكسب “انتهى المراد.

 

  ومعتقد أهل الحق في ذلك،أن الخالق للعبد وعمله هو الله وحده لا شريك له،والعبد منسوب العمل إليه ومحاسب عليه،كما دل عليه العقل والنقل، لذا يصدق على معتقدهم قول السنوسي رحمه الله تعالى: “يشهد لمذهبهم البرهان العقلي، ودل عليه الكتاب والسنة، وإجماع السلف الصالح قبل ظهور البدع”انتهى. لكن اختلف أهل السنة في التعبير عن ذلك بما قرره مرتضى الزبيدي رحمه الله تعالى في: “اتحاف السادة المتقين”(2/262) بقوله: “مذهب أهل الحق: لا جبر، ولا اعتزال…وقد اضطرب المحققون في تحرير الواسطة التي عسر التعبير عنها:
الحنفية(الماتريدية) يسمونها: الاختيار.
والأشاعرة يسمونها: الكسب
والصحيح: أن (الاختيار) و (الكسب) عبارتان عن مُعبَّر واحد، ولكن الأشعري آثر لفظ (الكسب)؛ لكونه منطوق القرآن، والماتريدي آثر لفظ (الاختيار) لما فيه من اشعار قدرة العبد، والفرق بين (الكسب) و(الخلق) أن (الكسب) أمر لايستقل به الكاسب، والخلق أمر يستقل به الخالق…انتهى

  وإضافة الفعل للعبد بإعتباره كاسبا صحيحة شرعا ولغة،وفي ذلك يقول أبوجعفر الطبري رحمه الله تعالى في: “التفسير” : وَقَدْ ظَنَّ بَعْض أَهْل الْغَبَاء مِنْ الْقَدَرِيَّة أَنَّ فِي وَصْف اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ النَّصَارَى بِالضَّلَالِ بِقَوْلِهِ : { وَلَا الضَّالِّينَ } وَإِضَافَته الضَّلَال إِلَيْهِمْ دُون إِضَافَة إِضْلَالهمْ إِلَى نَفْسه , وَتَرْكه وَصْفهمْ بِأَنَّهُمْ الْمُضَلَّلُونَ كَاَلَّذِي وَصَفَ بِهِ الْيَهُود أَنَّهُمْ الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ , دَلَالَة عَلَى صِحَّة مَا قَالَهُ إِخْوَانه مِنْ جَهَلَة الْقَدَرِيَّة جَهْلًا مِنْهُ بِسَعَةِ كَلَام الْعَرَب وَتَصَارِيف وُجُوهه . وَلَوْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا ظَنَّهُ الْغَبِيّ الَّذِي وَصَفْنَا شَأْنه لَوَجَبَ أَنْ يَكُون شَأْن كُلّ مَوْصُوف بِصِفَةٍ أَوْ مُضَاف إِلَيْهِ فِعْل لَا يَجُوز أَنْ يَكُون فِيهِ سَبَب لِغَيْرِهِ , وَأَنْ يَكُون كُلّ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ سَبَب فَالْحَقّ فِيهِ أَنْ يَكُون مُضَافًا إِلَى مُسَبَّبه , وَلَوْ وَجَبَ ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُون خَطَأ قَوْل الْقَائِل : ” تَحَرَّكَتْ الشَّجَرَة ” إِذَا حَرَّكَتْهَا الرِّيَاح , و ” اِضْطَرَبَتْ الْأَرْض ” إِذَا حَرَّكَتْهَا الزَّلْزَلَة , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام الَّذِي يَطُول بِإِحْصَائِهِ الْكِتَاب . وَفِي قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ } 10 22 بِإِضَافَتِهِ الْجَرْي إِلَى الْفُلْك , وَإِنْ كَانَ جَرْيهَا بِإِجْرَاءِ غَيْرهَا إِيَّاهَا , مَا يَدُلّ عَلَى خَطَأ التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلَهُ مَنْ وَصَفْنَا قَوْله فِي قَوْله : { وَلَا الضَّالِّينَ } وَادِّعَائِهِ أَنَّ فِي نِسْبَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الضَّلَالَة إِلَى مَنْ نَسَبَهَا إِلَيْهِ مِنْ النَّصَارَى تَصْحِيحًا لِمَا اِدَّعَى الْمُنْكِرُونَ أَنْ يَكُون لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي أَفْعَال خَلْقه سَبَب مِنْ أَجْله وُجِدَتْ أَفْعَالهمْ , مَعَ إِبَانَة اللَّه عَزَّ ذِكْره نَصًّا فِي آي كَثِيرَة مِنْ تَنْزِيله أَنَّهُ الْمُضِلّ الْهَادِي ; فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَفَرَأَيْت مَنْ اِتَّخَذَ إِلَهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّه عَلَى عِلْم وَخَتَمَ عَلَى سَمْعه وَقَلْبه وَجَعَلَ عَلَى بَصَره غِشَاوَة فَمَنْ يَهْدِيه مِنْ بَعْد اللَّه أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } 45 23 فَأَنْبَأَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَنَّهُ الْمُضِلّ الْهَادِي دُون غَيْره. وَلَكِنَّ الْقُرْآن نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَب , عَلَى مَا قَدْ قَدَّمْنَا الْبَيَان عَنْهُ فِي أَوَّل الْكِتَاب . وَمِنْ شَأْن الْعَرَب إِضَافَة الْفِعْل إِلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ , وَإِنْ كَانَ مُسَبِّبه غَيْر الَّذِي وُجِدَ مِنْهُ أَحْيَانًا , وَأَحْيَانًا إِلَى مُسَبِّبه , وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُجِدَ مِنْهُ الْفِعْل غَيْره. فَكَيْف بِالْفِعْلِ الَّذِي يَكْتَسِبهُ الْعَبْد كَسْبًا وَيُوجِدهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَيْنًا مُنْشَأَة ؟ بَلْ ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يُضَاف إِلَى مُكْتَسِبه كَسْبًا لَهُ بِالْقُوَّةِ مِنْهُ عَلَيْهِ وَالِاخْتِيَار مِنْهُ لَهُ , وَإِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِإِيجَادِ عَيْنه وَإِنْشَائِهَا تَدْبِيرًاانتهى

  

   ثم لو سُلِّم بثبوت قول عند الأشاعرة بالتأثير فليس المعنى واحدا ،يقول  الدرديري رحمه الله تعالى: “فإن قلت: إن بعض أهل السنة قالوا بالتأثير بواسطة القوة، ورجحه الإمام الغزالي والإمام السبكي-كما نقله السيوطي -فكيف يكون القائل به بدعيا؟وفي كفره قولان؟
قلت: معنى القول بالتأثير عند بعض أئمتنا: أن الله تعالى هو المؤثر والفاعل بسبب تلك القوة التي خلقها الله تعالى في تلك الأشياء، فالتأثير عنده لله وحده، وإن كان بواسطة تلك القوة”انتهى . وقد نبه العلامة الصاوي رحمه الله تعالى على مراد الدرديري بقوله في: “حاشية شرح الخريدة”(ص/ ): ” قوله(بواسطة قوة)أي: فهي عندهم كالآلة للفعل، كالقدوم للنجار، والإبرة للخياط.قوله(ففرق بين الإعتقادين)أي: فاعتقاد المعتزلي: أن التأثير للأشياء بواسطة القوة. والسني: أن التأثير لله بسبب القوة”انتهى.فجعل (القوة) سببا عاديا-أي: يكون الشيء عندها لابها-.فتأمل!

  هذا وقد تُكلِّم في ثبوت نسبة تلك المقولة لبعض أئمة السنة، يقول السنوسي رحمه الله تعالى: “ولايصح نسبتها لهم! بل هي مكذوبة عنهم. ولئن صحت فإنما قالوها في مناظرة مع المعتزلة جر إليها الجدل”انتهى.

  وأما قول إمام الحرمين رحمه الله تعالى في كتابه: (النظامية) فمختلف في ثبوتها وتوجيهها، قال العلامة أبوسالم العياشي رحمه الله تعالى: “…فإنها قولة صحت عن الإمام في رسالته: “النظامية” التي هي آخر مؤلفاته؛ ولذلك لم يتردد المتقدمون بسبتها إليه، لإحاطتهم بأخبار الإمام ومطالعتهم لكتبه، ولما لم تشتهر هذه المسألة لتأخرها كاشتهار : “الإرشاد” وغيره لم تبلغ إلى بعض المتأخرين، فأنكر وجود القولة المشهورة في شيء من كتب الإمام! وظن أنها مفتعلة عليه، أو صدرت منه في مجلس المناظرة على وجه المعارضة، أو ارخاء العنان، إلى غير ذلك مما لا يعد مذهبا لقائله”انتهى المراد.
إلا أن المقطوع به أن الإمام لايقول بالجبر ولا بالاستقلال في مسألة: (الكسب) ولكنه أورد فهما مُوهِما لباطل، ومثله يتعامل معه وفق القاعدة التي أوردها السعد التفتازاني رحمه الله تعالى في “شرح العقائد” بقوله  :فإذا علم أن فحول أهل السنة قد عجزوا عن تحقيق معناه -أي: تحقيق كون فعل العبد بخلق الله تعالى وإيجاده مع ما للعبد فيه من القدرة والإختيار- مع تظاهرهم وتظافر معتقداتهم على نفي الجبر والإستقلال،فلا ينبغي المبادرة إلى التشنيع والإنكار على من أحدث قولا في المسألة بفهم آتاه الله تعالى، أو انتصر إلى قول من الأقوال المقولة فيها لأهل السنة بدلائل يبينها الحق له، وبصيرة أنارتها الهداية الإلهية ما دام لم ينقض بصحة أحد القولين المتفق على بطلانهما عند أهل الحق، وهما: الجبر والإستقلال؛ لأن ذلك هو المعيار الصادق، فما دام العبد يعتقد في المسألة معتقدا ليس بجبر ولا استقلال فهو على الجادة، وإن عجز عن تحقيقه؛ إذ لا نكلف بإدراك الكنه في كثير من المسائل الإعتقادية، وإنما المكلف به فيها هو اعتقاد الثبوت والوجود فقط”انتهى المراد.

وعليه: فقد تأول بعض مقولة الإمام الجويني رحمه الله على وجه لاينافي مذاهب أهل الحق، ولو كان فيه خفاء! وفي ذلك يقول العلامة أبوسالم العياشي رحمه الله تعالى: “وقد انتصر الشيخ (الإمام العارف ملا إبراهيم الكوراني) في ذلك -أي: مسألة كسب العبد، ونسبة فعل العبد إليه وإلى قدرة الرب- للقولة المنسوبة لإمام الحرمين، وتأولها على ما لاينافي مذاهب أهل الحق، وتشهد له بصائر أهل الكشف، وتعضده شواهد الآيات ومعاني الأخبار الصحيحة.
وما فعل رضي الله عنه من تأويلها، وتبيين معناها على حسب ما ظهر-وإن كان فيه غموض على أفهام كثير من الناس- أولى مما فعله كثير من المشايخ ببطلانها، والتشنيع على الإمام”انتهى المراد.

 

 وأختم بقول السنوسي رحمه الله تعالى في “شرحه على الكبرى”(ص/ ) : “وما نقل عن إمام الحرمين من أن له قولا بأن القدرة الحادثة تؤثر في الأفعال ، لكن لا على سبيل الاستقلال كما تقول القدرية ، بل على أقدار قدرها الله تعالى ، فهو قول مرغوب عنه لا يصح القول به ولا تقليده في ذلك إن صح عنه لفساده قطعا ، وعدم جريه على السنة نقلا وعقلا ، لأن القدرة الحادثة على مقتضى هذا القول إما أن يكون من صفة نفسها إيجاد هذا الفعل الذي تتعلق به أو لا ، فإن كان الأول ، لزم عند تعلقها بالفعل إما سلب صفتها النفسية إن لم تؤثر في الفعل ، وكان الموجد له هو الله تعالى ، أو غلبتها لقدرته تعالى إن كانت هي التي أثرت في الفعل وفرضنا أن الله تعالى أراد أن يوجد ذلك الفعل بقدرته ، وكلا الأمرين محال ، ولا يدفع محذور ما لزم من العجز والغلبة في الثاني قوله : إن تأثيرها إنما هو على وفق إرادته تعالى . لأن التأثير إذا قدر أنه صفة نفسية للقدرة الحادثة لم يمكن أن يتوقف ثبوته لها على شيء أصلا ، وإن كان الثاني وهو أن التأثير ليس صفة نفسية للقدرة الحادثة لزم أن تفتقر إلى معنى يقوم بها ويوجب لها التأثير ، وننقل الكلام حينئذ إلى ذلك المعنى الذي أوجب لها التأثير هل ذلك أيضا من صفة نفسية أو لمعنى قام به ، ويلزم التسلسل وقيام المعنى بالمعنى…وبالجملة فالذي أقطع به من غير تردد تنزه هؤلاء الأئمة عما نقل عنهم ، ولعل ذلك إنما صدر عنهم في مناظرة جدلية لإفحام خصم قويت منافرته للحق فاحتالوا لسوقه إلى الحق بتدريج …وقد قال الشريف في شرح الأسرار العقلية نحو هذا ، قال : ما ينسب للقاضي والأستاذ يعني من كون القدرة الحادثة تؤثر في الحال إنما صدر منهما ذلك على وجه المناظرة للخصم ، وإلا فحاشا القاضي والأستاذ أن يعتقدا أثرا لغير القدرة القديمة كيف وقد نقل الإجماع في مواضع من كتبه على كفر من نسب الاختراع لغير الله تعالى ونقل أيضا إجماع الأمة على كفر من لم يقل بعموم صفات البارئ تعالى . قلت: وإذا قال هذا في مقالة القاضي والأستاذ مع خفتها بالنسبة إلى ما نقل عن إمام الحرمين ، فكيف بتلك المقالة الشنيعة التي نُقلت عن الإمام مما لا يرضى أن يقولها من هو أدنى منه علما ودينا بمراتب كثيرة ” انتهى .

والله الهادي،لا رب سواه.

وكَتَبَ/

(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به

الدِّيارُ الحِجازِيَّةُ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها الله

 

تمت بحمد الله

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *