مسألة: لبس الأبيض من الثياب
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
اتَّفق الفقهاء على استحباب البياض في اللِّباس عمامة وغيرها، وعليه المذاهب الأربعة، قَرَّره عن الحنفية جماعة، ومنهم : ابن عابدين رحمه الله تعالى في : “الحاشية (6/351) ، وعن المالكية جماعة ومنهم: الحَطَّاب رحمه الله تعالى في : “مواهب الجليل” (1/506)، وعن الشافعية جماعة، ومنهم: النووي رحمه الله تعالى في : “المجموع شرح المهذب” (4/363)، وعن الحنابلة جماعة، ومنهم : البهوتي رحمه الله تعالى في: “كشاف القناع” (1/286) .
وقد دلَّ على الاستحباب أخبار
ومنها: ما خَرَّجه الترمذي في : “الجامع” (3/319) وكذا غيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “الْبَسُوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكَفِّنوا فيها موتاكم” وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح، وهو الذي يَسْتحبه أهل العلم). وصححه الحاكم في : “المستدرك” (4/205) ووافقه الذهبي وكذا الحافظ في : “الفتح” (3/162).
ومنها: ما خرجه الترمذي أيضاً في : “الجامع” (5/109). وكذا غيره. من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “البسوا من ثيابكم البياض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم” وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح)، وصححه الحاكم في: “المستدرك” (4/206)، ووافقه الذهبي . وكذا الحافظ في : “الفتح” (3/162) .
وَبَوَّب الأئمة باباً في ذلك، سواء في الصحاح وما إليها، أو كتب الآداب، فمن الصِّحاح “الجامع الصحيح” للبخاري رحمه الله تعالى حيث قال في : “كتاب اللباس” : “باب الثياب البيض” قال ابن بطال رحمه الله تعالى في : “شرح البخاري” (10/104): “الثياب البيض من أفضل الثياب، وهو لباس الملائكة الذين نصروا النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وغيره… وكان عليه السلام يلبس البياض ويُفضِّله، ويَحُض على لباسه الأحياء، ويَأْمر بتكفين الأموات فيه” ا.هـ. ومن كتب الآداب المشهورة: “رياض الصالحين” للنووي رحمه الله تعالى حيث قال في : “كتاب اللباس” : “باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود” وذكر فيه حديث : “البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب” يقول المناوي رحمه الله تعالى شارحاً في : “فيض القدير” (2/155ـ156): “(البسوا) بفتح الموحَّدة (الثياب البيض) يعني : آثروا ندباً الملبوس الأبيض في كل زمن على غيره، من نحو ثوب وعمامة ورداء وإزار وغيرها حيث لا عذر (فإنها أطهر) لأنها تحكي ما يصيبها من النجس عيناً وأثراً (وأطيب) لغلبة دلالتها على التواضع والتَّخشُّع وعدم الكِبر والعُجْب، فجعَلَهُ من عَطْف أحد الرَّديفين على الآخر قصور، ولهذه الأَطْيبية ندب إيثارها في المحافل كشهود جمعة وحضور مسجد ولقاء الملائكة؛ ولذلك فُضِّلت في التكفين كما قال: (وكفِّنوا فيها موتاكم)” ا.هـ. المراد .
لطـيفة:
قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “إني لأُحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب” ذكره مالك في : “الموطأ” (2/911) بلاغاً. قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في : “الاستذكار” (26/163ـ164) تعليقاً : “القارئ هاهنا العابد الزاهد المتقشف، والقرَّاء عندهم العُبَّادُ العلماءُ، ولهذا كان يقال للخوارج قبل خروجهم القَرَّاء؛ لِمَا كانوا فيه من العبادة والاجتهاد” ا.هـ. المراد.
تمت بحمد الله