كتبها: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
أولا: العزم القوي في هجران ما يؤذي .
ثانيا: التدرج في ترك ما لا يؤمن أذاه؛ وهذا يفتقر إلى صبر ومجاهدة.
ويهون ذلك سبعة أشياء :
أولا: التفكر في أن الإنسان لم يخلق للهوى ، وإنما هيئ للنظر في العواقب والعمل للآجل ، ويدل عليه أن البهيمة تصيب من لذة المطعم والمشرب والمنكح ما لا يناله الإنسان ، مع عيش هني خال عن فكر وهم، ولهذا تساق إلى منحرها وهي منهمكة على شهواتها لفقدان العلم بالعواقب .والآدمي لا ينال ما تناله لقوة الفكر الشاغل ، والهم الواغل وضعف الآلة المستعملة .
ثانيا: التفكر في عواقب الهوى ، فكم قد فات من فضيلة ، وكم قد أوقع في رذيلة ، وكم من مطعم قد أوقع في مرض ، وكم من زلة أوجبت انكسار جاه وقبح ذكر مع إثم ! غير أن صاحب الهوى لا يرى إلا الهوى !
فأقرب الأشياء شبها به من في المدبغة ، فإنه لا يجد ريحها حتى يخرج فيعلم أين كان !
ثالثا: أن تتصور انقضاء غرضك من هواك ، ثم تتصور الأذى الحاصل عقيب اللذة ، فإنه يراه يربي على الهوى أضعافا .
رابعا: أن تتصور ذلك في حق غيرك ، ثم تلمح عاقبته بفكرك ، فإنك سترى ما تعلم به عيب ذلك الفعل وتلك النظرة إذا وقفت في ذلك المقام .
خامسا: تفكر فيما تطلبه من لذات ، فإنه سيخبرك عقلك أنه ليس بشيء ، وإنما عين الهوى عمياء .
سادسا: تفكر وتدبر في عز الغلبة وذل القهر ، فإنه مامن أحد غلب هواه إلا أحس بقوة عز ، وما من أحد غلبه هواه إلاوجد في نفسه ذل القهر .
سابعا: تفكر في فائدة مخالفة ومغالبة الهوى ، من اكتساب الذكر الجميل في الدنيا ، وسلامة النفس والعرض والأجر في الآخرة ، ثم اعكس القضية ، وتفكر فيما لو وافقت هواك ….
ويا أيها الأخ النصوح أحضر لي قلبك عند هذه الكلمات ، وقل لي:
بالله عليك أين لذة آدم التي قضاها ، من همة يوسف التي ما أمضاها ؟
من يكون يوسف لو نال تلك اللذة !؟ فلما تركها وصبر عنها بمجاهدة ساعة صار من قد عرفت إلى قيام الساعة ! ” ا.هــــ. بتصرف .
[ذم الهوى لابن الجوزي ص : 37-38]
تمت بحمد الله