بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
لمقام سيدنا إبراهيم عليه السلام فضيلتان :
أما الأولى: كونه أثرا مباركا لخليل الله إبراهيم عليه السلام،قال الله عز وجل : ( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ) ]آل عمران 97[ ،قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى في “تفسيره”( 4/ 11): “إن أول بيت وضع للناس مباركًا وهدى للعالمين ، للذي ببكة فيه علامات بينات من قدر الله وآثار خليله إبراهيم ، منهن أثر قدم خليله إبراهيم في الحَجَر الذي قام عليه”انتهى
أما الثانية: كونه من يواقيت الجنة المباركة،فقد روى الترمذي في: “الجامع”(رقم: )وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال : أنشد بالله ثلاثًا ووضع أصبعه في أذنيه ، لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : “إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة ، طمس الله نورهما ، ولولا أن الله طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب”انتهى.
وعَنِ ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ : “لَيْسَ فِي الأَرْضِ مِنَ الْجَنَّةِ إِلا الرُّكْنُ الأَسْوَدُ وَالْمَقَامُ ، فَإِنَّهُمَا جَوْهَرَتَانِ مِنْ جَوَاهِرِ الْجَنَّةِ وَلَوْلا مَا مَسَّهُمَا أَهْلُ الشِّرْكِ : مَا مَسَّهُمَا ذُو عَاهَةٍ إِلا شَفَاهُ الله” رواه الأزرقي والواحدي في: “الوسيط”(رقم:46)
ولذا كان المسلمون يتمسَّحون به تبركا، يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في: “التفسير”(1/117) : “وكانت آثار قدميه ظاهرة فيه، ولم يزل هذا معروفا تعرفه العرب في جاهليتها، وقد أدرك المسلمون ذلك فيه أيضا، كما قال أنس بن مالك : رأيت المقام فيه أصابعه عليه السلام وأخمص قدميه .غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم .وروى ابن جرير عن قتادة أنه قال : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) إنما أمروا أن يصلوا عنده ، ولم يؤمروا بمسحه ، وقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها . ولقد ذَكَرَ لنا من رأى أثر عقبه وأصابعه فيه فما زالت هذه الأمة يمسحونه حتى انمحى” اهـ .
**هو الحجر الأثري الذي قام عليه سيدنا إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة المشرفة لما ارتفع البناء.كما في: “معجم البلدان”(5/164)لياقوت الحموي.وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في: “فتح الباري”(8/169) : “وكان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن أخره عمر – رضي الله عنه – إلى المكان الذي هو فيه الآن”انتهى المراد.و قال المؤرخ الشيخ حسين بن عبد الله باسلامة المكي (ت/1359هـ) رحمه الله تعالى في كتابه: “تاريخ الكعبة المعظمة”(ص/ ) : “وأما صفة حَجَر المقام ، فهو حجر رخْو من نوع حجر الماء ، ولم يكن من الحجر الصوان ، وهو مربع على وجه الإجمال ، ومساحته ذراع يد في ذراع يد طولاً وعرضًا وارتفاعًا ، أو نحو خمسين سنتيمتر في مثلها طولاً وعرضًا وارتفاعًا ، وفي وسطه أثر قدمي إبراهيم الخليل – عليه السلام – ، وهي حفرتان على شكل بيضوي مستطيل ، وقد حفرهما الناس بمسح الأيدي ووضع ماء زمزم فيها مرات عديدة ، فنتج من كثرة مرور الأيدي في أثر القدمين واستبدال موضعهما حفرتان ، كما دل على ذلك الروايات . وقد رأيت حَجَر المقام بعيني سنة (1332هـ) بصحبة صاحب الفضيلة رئيس السدنة في تلك السنة محمد صالح بن أحمد بن محمد الشيبي ، فوجدته مصفحًا بالفضة ، وهو موضوع على قاعدة ، وشكله مربع كما وصفته ، ولونه بين البياض والسواد والصفرة ، ورأيت أثر القدمين”انتهى.
تمت بحمد الله