Search
Close this search box.

صور الذبح لغير الله

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

   الذبح لغير الله من المحرمات المشهورة،وقامت الأدلة على ذلك،ومنها خبر عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ رَضِيَ الله عَنْه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ، قَالَ: فَقَالَ مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قَالَ: “لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ”. ]أخرجه أحمد (1/152 ، رقم 1306) ، ومسلم (3/1567 ، رقم 1978) ، والنسائى (7/232 ، رقم 4422)[

قال النووي رحمه الله تعالى-كما في شرحه على صحيح مسلم (13/141):  “…وأما الذبح لغير الله فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى كمن ذبح للصنم أو للصليب أو لموسى أو لعيسى صلى الله عليهما أو للكعبة ونحو ذلك فكل هذا حرام، ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلماً أو نصرانيا أو يهوديا، نص عليه الشافعي واتفق عليه أصحابنا، فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفراً، فإن كان الذابح مسلماً قبل ذلك صار بالذبح مرتداً” اهـ

 

والحاصل أن (الذبح لغير الله) يشمل صورتين:

الأولى: الذبح بقصد عبادة غير الله،فهذا كفر اتفاقا،يقول الإمام الرافعي رحمه الله تعالى في: “العزيز شرح الوجيز” (12/84) اعلم أن الذبح للمعبود وباسمه نازل منزلة السجود له وكل واحد منهما نوع من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة  “انتهى.

 

الثانية: ذكر اسم غير الله عند الذبح والنحر، فهذا محرم اتفاقا،ولايجوز أكله،لقوله تعالى:(وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ )]الأنعام/121[،وقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ]البقرة / 173 [ (حرم عليهم ما أهل به لغير الله ، وهو ما ذبح على غير اسمه تعالى من الأنصاب والأنداد والأزلام ، ونحو ذلك مما كانت الجاهلية ينحرون له) قاله ابن كثير رحمه الله تعالى في: “التفسير”(1/482)

 

    ولايدخل في ذلك شيئان:

الأول:الذبح في مكان مباح ليس فيه شرك كوثنٍ يُعبد ،ولو كان بجوار قبر أو مقبرة، فعن ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة ـ وفي رواية : لأنه وُلِد له ولد ذكر ـ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :” هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ ” قالوا : لا . :” هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ ” ، قالوا: لا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أوف بنذرك فإنه لاوفاء لنذر في معصية الله ولا فيما فيما لا يملك ابن آدم ” ]رواه أبو داود (رقم:2881)[

الثاني:مابيَّنه النووي رحمه الله تعالى بقوله: واعلم أن الذبح للمعبود وباسمه نازل منزلة السجود له وكل واحد منهما نوع من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة فمن ذبح لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة لم تحل ذبيحته وكان فعله كفرا كمن سجد لغيره سجد عبادة وكذا لو ذبح له ولغيره على هذا الوجه فأما إذا ذبح لغيره لا على هذا الوجه بأن ضحى أو ذبح للكعبة تعظيما لها لأنها بيت الله تعالى أو الرسول لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يجوز أن يمنع حل الذبيحة وإلى هذا المعنى يرجع قول القائل أهديت للحرم أو للكعبة ومن هذا القبيل الذبح عند استقبال السلطان فإنه استبشار بقدومه نازل منزلة ذبح العقيقة لولادة المولود ومثل هذا لا يوجب الكفر وكذا السجود للغير تذللا وخضوعا وعلى هذا إذا قال الذابح باسم الله وباسم محمد وأراد أذبح باسم الله وأتبرك باسم محمد فينبغي أن لا يحرم وقول من قال لا يجوز ذلك يمكن أن يحمل على أن اللفظة مكروهة لأن المكروه يصح نفي الحواز والإباحة المطلقة عنه”] روضة الطالبين (3/205-206)، “المجموع شرح المهذب”(8/385)[

 

والله أعلم

وكَتَبَ/

(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به

الدِّيارُ الحِجازِيَّةُ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها الله

 تمت بحمد الله

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *