مسألة: رد تكفير محيي الدين ابن عربي
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
حجة من كفر الشيخ محيي الدين ابن عربي رحمه الله ترجع إلى شيئين:
الأول: تقليد بعض العلماء الذين انتقصوا ابن عربي أو كفروه، ومنهم: التقي ابن تيمية رحمه الله،وهذا خلاف ماعليه الجماهير من المذاهب الأربعة، واتفق عليه الصوفية،قال العلامة الهيتمي رحمه الله تعالى: “الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه الله ورضي عنه: إمام جمع بين العلم والعمل”انتهى. وقال الشيخ زروق رحمه الله تعالى: “ابن عربي هو أعرف بكل فن من أهله، وحيث أطلق القوم: (الشيخ الأكبر) فمقصودهم هو”انتهى.
وكتب علماء في الدفاع عن مقام الشيخ ابن عربي، ومنهم: الشيخ عبدالغني النابلسي رحمه الله تعالى في كتابه: “الرد المتين على منتقص العارف بالله سيدي محيي الدين”، والشيخ الشعراني رحمه الله تعالى في كتابه: “القول المبين في الرد عن الشيخ محيي الدين”، الشيخ عمر حفيد العطار الدمشقي رحمه الله تعالى في كتابه: “الرد على المعترضين على الشيخ محيي الدين”.
الثاني: كلمات منكرة في كتبه، فهذه ما ثبت منها فتأويله متعيِّن لثبوت إمامته وولايته، قال النووي رحمه الله تعالى: “يحرم على كل عاقل أن يسيء الظن بأحد من أولياء الله عز وجل، ويجب عليه أن يؤول أقوالهم وأفعالهم مادام لم يلحق بدرجتهم، ولا يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق”انتهى.وقد أفرد جمع من العلماء حل ما أشكل من كلمات ابن عربي بالتأليف،ومنهم: الشيخ محمد المكي رحمه الله تعالى في كتاب سماه: “الجانب الغربي في حل مشكلات الشيخ ابن عربي”، ولما أخرج البقاعي غفر الله له كتابه في تكفير ابن عربي وانتقاصه بألفاظ نابية- رد العلماء عليه بما يقطع دعواه، ويبطل فحواه، فألف الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى كتابه: “تنبئة الغبي في تبرئة ابن عربي”، وكتب الشيخ محمد جمعة الحصكفي رحمه الله تعالى كتابه: “ترياق الأفاعي في الرد على الخارجي البقاعي”، وقال شرف الدين المناوي رحمه الله-كما في:”تنبئة الغبي”( / ) السيوطي- : ” والمتصدِّي لتكفير ابن عربي لم يخف من سوء الحساب وأن يُقال له : هل ثبت عندك أنه كافر ؟!
فإن قال : كتبه تدل على كفره ، أفَأَمِنَ أن يُقال له : هل ثبت عندك بالطريق المقبول في نقل الأخبار أنه قال هذه الكلمة بعينها ، وأنه قصد بها معناها المتعارَف ؟! والأول : لا سبيل إليه ؛ لعدم سند يُعْتَمَدُ عليه في مثل ذلك ، ولا عبرة بالاستفاضة ؛ لأنه على تقدير ثبوت أصل الكتاب عنه فلا بد من ثبوت كـل كلمة كلمة ؛ لاحتمال أن يُدَسَّ في الكتاب ما ليس من كلامه من عدو أو ملحد ” ا هـ .
والخلاصة: إسلام الشيخ ابن عربي رحمه الله تعالى متيقن، وإمامته في العلم والعمل مشهود بها، فلايكفر بكلمات وجدت في كتب اختلف في ثبوتها وتأويلها، قال أبو السعود الحنفي رحمه الله تعالى: “في: (فصوص الحكم) كلمات تباين الشريعة، لكنا تيقنا أن أحد الهنود افتراها على الشيخ- قدس الله سره- فيجب الاحتياط بترك مطالعة تلك الكلمات”انتهى.وقال الشعراني في: “مختصرالفتوحات”-كما في: “اليواقيت والجواهر”(1/9)للشعراني-:”وقد توقفت حال الاختصار في مواضع كثيرة منه لم يظهر لي موافقتها لما عليه أهل السنة والجماعة فحذفتها من هذا المختصر ، وربما سهوت فتتبعت ما في الكتاب كما وقع للبيضاوي مع الزمخشري ، ثم لم أزل كذلك أظن المواضع التي حذفت ثابتة عن الشيخ محي الدين حتى قدم علينا الأخ العالم الشريف شمس الدين أبو الطيب المدني المتوفى سنة 955 هـ فذاكرته في ذلك فأخرج إلي نسخة من الفتوحات التي قابلها على النسخة التي عليها خط الشيخ محي الدين نفسه بقونية ، فلم أر فيها شيئا مما توقفت فيه وحذفته ، فعلمت أن النسخ التي في مصر الآن كلها كتبت من النسخة التي دسوا فيها على الشيخ” ا.هـ.
فائدة: “وفيها توفي سنة (638هـ) أبو بكر محيي الدّين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي ، العارف الكبير، ابن عربي، ويقال: ابن العربي”أ.هـ.من: “شذرات الذهب في أخبار من ذهب” لابن العماد الحنبلي-تحقيق: محمود الأرناؤوط- وينظر فإنه مفيد.
تمت بحمد الله