Search
Close this search box.

رد تعريف للعبادة يبنـى عليه التكفير

مسألة: رد تعريف للعبادة يُبنـى عليه التكفير

بقلم:  (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

 

 

     لم يفرِّق جَمْعٌ بين حقيقة (القُربة) و (العبادة التي  مَنْ صَرَفها لغير الله كفر) ؛ فعرَّفوا العبادة بقول التقي ابن تيمية رحمه الله تعالى في: “رسالة العبودية”( ص/6) : “العبادة : هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة” ا.هـ.ومعلوم أن هذه الدائرة للعبادة واسعة جدا، ولا يَصِحُّ تنزيل حكم الرِّدَّة عند الفقهاء على مَنْ صَرَف جميع مفرداتها لغير الله؛ فإِلْقاءُ السَّلام -مَثَلاً-وردُّه داخل في ذلك، ولا يَكْفر إجماعا مَنْ سلَّم لغير الله.

     وكون العبادة: اسما جامعا لكل ما يحبه الله-صالحا لتنزيله على القُرْبة؛ لأنها أعم من دائرة العبادة، وفي ذلك يقول العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى -كما في: “حاشية ابن عابدين”( 1/72)- : “القُرْبة: فعل ما يثاب عليه بعد معرفة من يُتَقَرَّب إليه به، وإن لم يَتَوَقَّف على نية.والعبادة : ما يثُاب على فعله ويَتَوَقَّف على نية…والقُرْبة أعَمُّ من العبادة” ا.هـ.وفي: “ “الاضواء البهجه في ابراز دقائق المنفرجه”-كما في: “دليل الفالحين بشرح رياض الصالحين”(3/128)- ما نصُّه: “والعبادة: ما تعبد به بشرط النية ومعرفة المعبود، والقربة: ما تقرّب به بشرط معرفة المتقرّب إليه، فالطاعة توجد بدونها في النظر المؤدي إلى معرفةالله، إذ معرفته إنما تحصل بتمام النظر، والقربة توجد بدون العبادة في القرب التي لا تحتاج إلى نية كالعتق والوقف”انتهى.

     وأما حقيقة العبادة التي يُبنى عليه التكفير: فحرره العلامة سلامة القضاعي رحمه الله تعالى في: “براهين الكتاب والسنة”(376) بقوله:”معنى العبادة شرعا: هو الإتيان بأقصى الخضوع قلبا وقالبا. فهي إذا نوعان، قلبية وقالبية.

     فالقلبية: هي اعتقاد الربوبية أو خصيصة من خصائصها، كالاستقلال بالنفع أوالضر، ونفوذ المشيئة لا محالة لمن اعتقد فيه ذلك.

     والقالبية: هي الإتيان بأنواع الخضوع الظاهرية-من قيام وركوع وسجود وغيرها-مع ذلك الاعتقاد القلبي، فإن أتى بواحد منها بدون ذلك الاعتقاد لم يكن ذلك الخضوع عبادة شرعا، ولو كان سجودا.وإنما قال العلماء بكفر من سجد للصنم: لأنه أمارة على ذلك الاعتقاد، لا لأنه كفر من حيث ذاته، إذ لو كان لذاته كفرا لما حل في شريعة قط، فإنه حينئذ يكون من الفحشاء، والله لا يأمر بالفحشاء، وقد كان السجود لغير الله عز وجل على وجه التحية والتكريم مشروعا في الشرائع السابقة، وإنما حرم في هذه الشريعة. فمن فعله لأحد تحية وإعظاما من غير أن يعتقد فيه ربوبية كان آثما بذلك السجود، ولا يكون به كافرا إلا إذا قارنه اعتقاد الربوبية للمسجود له” انتهى المقصود منه.

     والله الموفق، لا رب سواه.

تمت بحمد الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *