عنوان: رد الطعن في الأشاعرة
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
الحمد لله، والصلاة والصلام على مصطفاه، وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهناك نقول عدة في محاضراتي المعنون لها ب:(ما لا يسع جهله في الاعتقاد) عن علماء أشاعرة سواء أكان في شرح حديث أم في حكاية إجماع فاعترض بعض: بأن فيه تزكية لطائفة الأشعرية وهي من طوائف المبتدعة! خاصة وأنني قلت في تلك المحاضرات ما نصه: “من اعتقد عقائد الأشعرية فلاشك أنه ناج وليس بكافر،ومن اعتقد عقائد الماتريدية فلاشك أنه ناج وليس بكافر”انتهى
ويدفع الإعتراض: بأن الطعن في الأشاعرة يأتي على محملين:
الأول: من حيث كونهم علماء ينقل عنهم علم الشريعة كل في فنه! فهذا لا يكاد يقول به إلا زائغ بليد، لأنهم داخلون في علماء الدين المزكين كما في حديث سيدنا أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله: ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» قال العلامة القسطلاني -رحمه اللَّه تعالى في«إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (1/ 4(:
« حديث أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله: ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
وهذا الحديث رواه من الصحابة علي، وابن عمر، وابن عمرو، وابن مسعود، وابن عباس، وجابر بن سمرة، ومعاذ، وأبو هريرة -رضي اللَّه عنهم-.
وأورده ابن عدي من طرق كثيرة كلها ضعيفة صلى الله عليه وسلم؛ كما صرح به الدارقطني، وأبو نعيم، وابن عبدالبر، لكن يمكن أن يتقوى بتعدد طرقه، ويكون حسنًا كما جزم به ابن كيكلدي العلائي»
… والمخالف في ذلك، الطاعن في علماء الملة ينطبق عليه فتوى العلامة ابن رشد الجَدَّ القرطبي المالكي رحمه الله تعالى –كما في “فتاوي ابن رشد”(2/802)- وفيهم قال: “فهم الذين عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( يحمِل هذا العِلْمَ من كل خَلَفٍ عُدُولُه، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المُبْطِلين، وتأويلَ الجاهلين .
(فلا يَعْتَقِدُ أن الأشاعرة على ضلالة وجهالة إلا غَبِيٌّ جاهل، أو مبتدع زائغ عن الحق مائل، ولا يسبهم وينسب إليهم خلاف ما هم عليه إلا فاسق، وقد قال الله عز وجل: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) .
فيجب أن يُبَصَّرَ الجاهلُ منهم، ويؤدب الفاسق، ويستتاب المبتدع الزائغ عن الحق إذا كان مستسهلا ببدعة، فإن تاب وإلا ضرب أبدا حتى يتوب، كما فعل عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه بصَبِيغ المتهم في اعتقاده، من ضربه إياه حتى قال: ( يا أمير المؤمنين إن كنت تريد دوائي فقد بَلَغْتَ مني موضع الداء، وإن كنت تريد قتلي فأجهِز عَلَيّ) فخلى سبيله، والله أسأله العصمة والتوفيق برحمته”انتهى.
الثاني: من حيث كونهم مخالفين للحنابلة ونحوهم. فالمشهور اختلافهم في الصفات السمعية، فالسادة الحنابلة يثبتونها مع الإمرار والتنزيه، بخلاف السادة الأشاعرة فيتأولونها وفي ذلك يقول القاضي أبو يعلى الفرا رحمه الله تعالى: “وقد أجمع علماء أهل الحديث ، والأشعرية منهم على قبول هذه الأحاديث ،فمنهم من أقرها على ما جاءت وهم أصحاب الحديث ،ومنهم من تأولها وهم الأشعرية وتأويلهم إياها قبول منهم لها ،إذ لو كانت عندهم باطلة لا طرحوها كما اطرحوا سائر الأخبار الباطلة .وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” أمتي لا تجتمع على خطأ ولا ضلالة“انتهى
ولذا نص جمع على أن لقب أهل السنة والجماعة يدخل فيه الأشعرية قال السفاريني الحنبلي في” لوامع الأنوار”: أهل السنة والجماعة ثلاث فرق:الأثرية وامامهم أحمدبن حنبل والأشعرية وامامهم أبو الحسن الأشعري والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي وأما فرق الضلالة فكثيرة جداً . ا.هـ
تمت بحمد الله