رد استبعاد وقوع الإجماع بعد الصحابة

رد استبعاد وقوع الإجماع بعد الصحابة

بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

 

     القول باستبعاد تصور وقوع الإجماع بعد الصحابة مشهور عن الظاهرية، وفي ذلك يقول الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى في : “تشنيف المسامع” (ص/227) : “وإنه ـ أي الإجماع ـ لا يختص بالصحابة خلافاً للظاهرية؛ لأن الأدلة على كون الإجماع حجة لا تُفَرّق بين عصر وعصر. وقال ابن حزم : (ذهب داود وأصحابنا إلى أن الإجماع إنما هو إجماع الصحابة فقط. وهو قول لا يجوز خلافه ؛ لأن الإجماع إنما يكون عند توقيف، والصحابة هم الذين شهدوا التوقيف. فإن قيل فما تقولون في إجماع من بعدهم: أيجوز أن يُجْمعوا على خطأ؟ قلنا : هذا لا يجوز لأمرين:

     أحدهما : أن النبي ? أَمَّنَنَا من ذلك بقوله : “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق” .

     والثاني : “أن سعة الأقطار بالمسلمين وكثرة العدد لا يمكن أحداً ضبط أقوالهم، ومن ادعى هذا لم يخف كذبه على أحد) انتهى . والحاصل أن الظاهرية لا يمنعون حجية إجماع من بعدهم ولكن يستبعدون تصويره” ا.هـ.

     وهذه المسألة مما خالف فيها الظاهرية الفقهاء ، وتبعهم جماعة، ومنهم ابن تيمية والأصفهاني رحمهما الله تعالى، وهو مشهور عنهما ، يقول ابن أمير الحاج رحمه الله تعالى في : “شرح التقرير والتحبير” (3/83) “وذهب ابن تيمية والأصفهاني إلى أنه ـ أي : الإمام أحمد رضي الله عنه في قوله : من ادعى الإجماع فقد كذب ـ أراد غير إجماع الصحابة، أما إجماع الصحابة فحجة معلوم تصوره لكون المجتمعين ثَمَّة في قلة والآن في كثرة وانتشار قال الأصفهاني: والمنصف يعلم أنه لا خبر له من الإجماع إلا ما يجد مكتوباً في الكتب، ومن البيِّن أنه لا يحصل الإطلاع عليه إلا بالسماع منهم أو بنقل أهل التواتر إلينا، ولا سبيل إلى ذلك إلا في عصر الصحابة وأما بعدهم فلا؟” اهـ.

     هذا، وبالله التوفيق .

 

تمت بحمد الله 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *