رد إطلاق مقولة “إذا صح الحديث فهو مذهبي”
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
أخذت طائفة من الناس اليوم بمطلق قول الإمام أبي حنيفة والشافعي وغيرهما: “إذا صَحَّ الحديث فهو مذهبي” ، مع كون الفقهاء قد قيدوها بقيدين:
ـ أما الأول: فَقَيْدُ الأَهْليَّة . وهو الاجتهاد في المذهب . قال النووي رحمه الله في: “المجموع” (1/64): “هذا الذي قاله الشافعي ليس معناه أن كل أحد رأى حديثاً صحيحاً قال هذا مذهب الشافعي، وعمل بظاهره . وأن هذا فيمن له رتبة الاجتهاد في المذهب” ا.هـ .
ـ وأما الثاني: فقيد عدم الخروج عن المذهب بالكلية . قال ابن عابدين رحمه الله في: “رسم المفتي” (ص/ ): “ينبغي تقييد ذلك بما إذا وافق قولاً في المذهب؛ إذْ لم يأذنوا بالاجتهاد فيما خرج عن المذهب بالكلية مما اتفق عليه أئمتنا؛ لأن اجتهادهم أقوى من اجتهاده، فالظاهر أنهم رأوا دليلاً أرجح مما رآه حتى لم يعملوا به” ا.هـ المراد .
وعليه: فلا يجوز لمن كان غير مجتهد في مذهب إمام من أولئك الأئمة العمل بتلك المقولة؛ لأن لكل مذهب أصوله في الرواية والدراية بحيث يجب مراعاتها عند النسبة للمذهب، وفي ذلك يقول العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى: “ولا يخفى أن ذلك لمن كان أهلاً للنظر في النصوص ومعرفة محكمها من منسوخها . فإذا نظر أهل المذهب في الدليل وعملوا به صح نسبته إلى المذهب؛ لكونه صادراً بإذن صاحب المذهب، إذ لا شك أنه لو علم بضعف دليله رجع عنه، واتبع الدليل الأقوى” ا.هـ .
•ثُمَّ لتِلْكَ المَقالَةِ مَحَلٌّ، نَبَّهَ إِلَيهِ ابنُ حَجَرٍ العَسْقلانيُّ رحمه الله في:”الفتح”(ح/706)بقَولِه:“أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ[يعني:قول الشافعي:إذا صح الحديث فهو مذهبي] مَا إِذَا عُرِفَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ،أَمَّا إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ أَوْ تَأَوَّلَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوه=ِ فَلَا”
تمت بحمد الله