مسألة: رد إبطال التلفظ بالنية عند الصلاة
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
أبطل ابن القيم رحمه الله تعالى التلفظ بالنية عند الصلاة مطلقا في: “زاد المعاد في هدي خير العباد”(1/51) حيث قال :”كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال : (الله أكبر) ، ولم يقل شيئا قبلها، ولا يلفظ بالنية ألبتة! ولا قال: (أصلي لله صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما) ولا قال: (أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت).
وهذه عشرة بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ، ولاضعيف ، ولامسند ، ولامرسل -لفظ واحدة منها ألبتة! بل ولا عن واحد من أصحابه ، ولا استحسنه أحد من التابعين ، ولا الأئمة الأربعة”انتهى.
وهذا التقرير منه مخالف لمقررات الفقهاء؛ لأنهم قاسوا الصلاة على عبادة الحج بجامع أن الجمبع عبادة، والقياس في الشرعيات جائز عقلا وواقع شرعا عند المذاهب الأربعة، وقرره السيف الآمدي رحمه الله تعالى في: “الإحكام”(3/64)
لذا قال ابن علان الشافعي رحمه الله تعالى في: “شرح الأذكار”(1/54) : “و(النية) محلها القلب كما دل عليه الدليل السمعي كخبر: ( التقوى هاهنا) ؛ ولأن الإخلاص اللازم لها محله القلب اتفاقا، فلايكفي النطق مع الغفلة عن استحضار المنوي بها.
نعم يسن النطق بها:
– ليساعد اللسان القلب.
– ولأنه صلى الله عليه وسلم نطق بها في الحج فقسنا عليه سائر العبادات.
– وعدم وروده لايدل على عدم وقوعه!
– وأيضا هو صلى الله عليه وسلم لا يأتي إلا بالأكمل، وهو أفضل من تركه، والنقل الضروري حاصل بأنه صلى الله عليه وسلم لم يواظب على ترك الأفضل طول عمره.فثبت أنه أتى في نحو الوضوء والصلاة بالنية مع النطق، ولم يثبت أنه تركه والشك لا يعارض اليقين .
ومن ثم أجمع عليه الأمة في سائر الأزمنة.
وبما ذكر اندفع ماشنع به ابن القيم في: “الهدي” على استحباب التلفظ بالنية قبل تكبيرة الإحرام”انتهى.
تنبيه: كتاب: “الهَدْي” المسمى ب”زاد المعاد” عليه انتقادات وإرادات ، وممن أفرد ذلك بالتصنيف العلامة محمد العربي بن التباني المغربي رحمه الله تعالى، وسماه ب: “التعقيب المفيد على هدي الزرعي الشديد”، وقد تعقب ابن القيم رحمه الله في هذه المسألة في(ص/12)وأسهب فيها بما يفيد.
تنبيه: دعوى ابن القيم أنه لم يستحسن أحد من الأئمة الأربعة التلفظ بالنية غير مُسَلَّم، فقد قال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله تعالى -كما في: “طبقات الشافعية”(2/139)- :”حدثنا الربيعُ، قال: كان الشافعي إذا أراد أن يدخل فى الصلاة قال: بسم الله، متوجِّها لبيت الله، مؤدِّيا لعبادة الله” ا.هـ.
هذا والله الموفق لا رب سواه
تمت بحمد الله