عنوان: حكم شهود الجماعة في المسجد
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا قام فرض الكفاية في المساجد، فهل يجب على المرء أن يشهد الجماعة في المسجد عند أصحاب المذاهب المتبوعة ؟
في المسألة قولان هما روايتان عن الإمام أحمد (رضي الله عنه ورحمه) – كما في: ” الإنصاف” (2/210) –
أما الأول: فوجوب شهود الجماعة في المسجد. واختارها التقي ابن تيمية (رحمه الله) كما في: “الاختيارات” (ص/67).
وأما الثاني: فعدم وجوب ذلك. وبه جزم السادة الحنفية – كما في: ” المبسوط ” (1/136)- والمالكية –كما في:” جواهر الإكليل” (1/76)- والشافعية – كما في: “المجموع” (4/235) – والحنابلة – كما في: “الإنصاف” (2/210).
والمختار عدم الوجوب عند عامة الفقهاء وجماهيرهم ، قال أبو الفرج المقدسي (رحمه الله) في: “الشرح الكبير” (4/272 – التركي) : “يجوز فعل الجماعة في البيت والصحراء في الصحيح من المذاهب. وعنه: أن حضور المسجد واجب على القريب منه؛ لأنه روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: “لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد.” . ولنا قول النبي (صلى الله عليه وسلم): “جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل “متفق عليه.
والحديث الذي ذكروه لا نعرفه إلا من قول علي نفسه، كذلك رواه سعيد. والظاهر إنما أراد الجماعة فعبر بالمسجد عنها، لأنه محلها، ولا يجوز أن يكون أراد الكمال والفضيلة، فإن الأخبار الصحيحة دالة على صحة الصلاة في غير المسجد. والله أعلم “ا.هـ.
وقد جاء في الخبر ما يدل على أن بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) صلوا الصلاة في البيت بلا عذر، فقد أخرج البخاري في: “الجامع” ( برقم: 689) ومسلم في: ” الصحيح ” ( برقم :411) من حديث سيدنا أنس بن مالك (رضي الله عنه) : “أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ركب فرساً فصرع عنه، فجحش شقه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد، فصلينا وراءه قعوداً… الحديث وفي حديث السيدة عائشة قالت: ” صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بيته وهو شاك فصلى جالساً وصلى وراءه قوم قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا … الحديث) رواه البخاري ( برقم: 688) وغيره.
قال القاضي عياض (رحمه الله) في: ” إكمال المعلم” (2/315) :” وفي هذا الحديث: إمامته بهم – عليه السلام – في بيته كما تقدم ، وجواز صلاة الفرض في جماعة في المنازل، وذلك أنه لم يستطع الخروج لعذر ، ولا يمكن التقدم عليه، فصلى بهم وصلى الناس وراءه في منزله” ا.هـ.
وقال قبل (2/312): ” ظاهر هذا الحديث أن فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا كان في الفريضة, ويدل عليه قوله: “فحضرت الصلاة” وهذا يفهم منه المعهودة وهي الفريضة ….) ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر (رحمه الله) في: “فتح الباري” (2/208) : ” قوله: ” في بيته” أي: في المشربة التي في حجرة عائشة كما بينه أبو سفيان عن جابر. وهو دال على أن تلك الصلاة لم تكن في المسجد ، وكأنه (صلى الله عليه وسلم) عجز عن الصلاة بالناس في المسجد فكان يصلي في بيته بمن حضر…” ا.هـ.
هذا، والله أعلم،،،
تمت بحمد الله