بسم الله الرحمن الرحيم
رَفْع اليدين عند الدعاء أدب عام، استفاضت فيه الأخبار، وعده جماعة من المتواتر، يقول الإمام السيوطي رحمه الله تعالى ـ كما في : “تَدْريب الراوي” ـ : “فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث فيه رفع يديه في الدعاء، وقد جمعتها في جزء لكنها في قضايا مختلفة ـ فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها وهو الرفع عند الدعاء تواتر المَجْموع” أ.هـ. وكذا في : “نظم المتناثر من الحديث المتواتر“
ومنها حديث سلمان رضي الله عنه مرفوعاً : “ما رفع قوم أَكَفَّهم إلى الله عز وجل، يَسْألونه شيئاً إلا كان على الله حقاً أن يَضَعَ في أيديهم الذي سألوا” قال الحافظ الهيثمي رحمه الله تعالى في : “مَجْمع الزوائد”: “رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح” أ.هـ.
ويَدْخل في عموم ذلك : رَفْعُ اليدين من قِبَل المُسْتَمع لخطيبِ الجمعةِ عند الدعاء، ولا يُشْترط فيه مجيءُ دليلٍ خاصٍ، وفي طُلاَّب ذلك يقول السيد عبد الله الغماري رحمه الله تعالى ـ كما في مُقَدِّمة : “سُنِّية رفع اليدين” للأهدل ـ : “هؤلاء الذين لا يَكْتفون في المسألة بدليل يشملها بعمومه. ويطلبون دليلاً خاصاً بها، يلزمهم خطر عظيم في الدين، قد يُؤَدِّي بهم إلى الكفر وهم لا يَشْعرون! ؛ لأنه لو كانت كل حادثة يُشترط في مشروعيتها، ونفي وصف البدعة عنها، وُرودُ دليل خاص بعينها ـ لتعَطَّلَتْ عموماتُ الكتاب والسنة، وبَطَل الاحتجاجُ بها، وذلك هَدْمٌ لمُعْظَم دلائل الشريعة، وتضييق لدائرة الأحكام . ويَلْزَمُ على ذلك أن تكون الشريعة غَيْرَ وافية بأحكام ما يَحْدُث من حوادث على امتداد الزمان، وهذه لوازم قد تؤدي إلى نقص في قدر الشريعة والنيل منها وهو كفر بواح” أ.هـ.
مع أن هناك من ذهب إلى بدعية ذلك الرفع لليدين عند دعاء الخطيب، ومنهم أبو شامة رحمه الله -كما في : “الباعث” (ص/87)-بقوله : “وأما رفع الناس أيديهم عند الدعاء _ في خطبة الجمعة _ فبدعة قديمة قال أحمد بن حنبل حدثنا شريح بن النعمان حدثنا بقية عن أبي بكر بن عبد الله حبيب بن عبيد الرحبي عن غضيف بن الحارث التمالي قال بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال : يا أبا اسماء إنا قد جمعنا الناس على أمرين .قال فقلت ما هما ؟؟ .قال : رفع الأيدي على المنابر والقصص بعد الصبح والعصر…”انتهى،وفي : “حاشية ابن عابدين”(5/73) نقل عن البَقَّالي قوله: “وإذا شَرَع –يعني: الخطيب- في الدعاء: لا يجوز للقوم رفعُ اليدين،ولا تأمينٌ باللسان جهْرا،فإن فعلوا ذلك أثِموا ،وقيل: أساؤوا ولا لإثم عليهم،والصحيح هو الأول،وعليه الفتوى”انتهى.
والله أعلم .
وكَتَبَ/
(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به
الدِّيارُ الحِجازِيَّةُ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها الله
تمت بحمد الله
<!–[if !supportLineBreakNewLine]–>
<!–[endif]–>