♢ ثَباتُ (المُحِقِّ) بشُمُوخٍ
▪️عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا ، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ ؟ فَقَالَ : هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا ، قَالَ : قُلْتُ : وَمَا شَأْنُهَا ؟ قَالَ : بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ ، إِذْ سَقَطَتْ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا ، فَقَالَتْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ : أَبِي ؟ قَالَتْ : لا ، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ ، قَالَتْ : أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ ! قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَخْبَرَتْهُ ، فَدَعَاهَا فَقَالَ : يَا فُلانَةُ ؛ وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ؛ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلادُهَا فِيهَا ، قَالَتْ لَهُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، قَالَ : وَمَا حَاجَتُكِ ؟ قَالَتْ : أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا ، قَالَ : ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنْ الْحَقِّ ، قَالَ : فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنْ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ ، وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ ، قَالَ : يَا أُمَّهْ ؛ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، فَاقْتَحَمَتْ ) . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : تَكَلَّمَ أَرْبَعَةُ صِغَارٍ : عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلام ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ .
[أخرجه الإمام أحمد في ” المسند ” (1/309) ، والطبراني (12280) ، وابن حبان (2903) ، والحاكم (2/496) .قال الحافظ لذهبي رحمه الله في ” العلو ” (ص/84) :” هذا حديث حسن الإسناد “].
🔸فتَأَمَّلْ ثَبَاتَ تِلْكَ المَرْأَةِ عَلَى الدِّينِ,بَدْءاً مِن إِشْعارِ ابْنَةِ مَلِكِ مِصْرَ فِرْعُونَ لَها أَنَّها سَتَرْفَعُ خَبَرَها إِلَيهِ،مَعَ عِلْمِها بِالعَذابِ المُهِينِ الذِي سَيَقَعُ لَها جَرَّاءَ ذلكَ…إِلى رُؤيتِها أَبْنَاءَهَا يُقَتَّلُونَ شَرَّ قِتْلَةٍ بِسَبَبِ تَمَسُّكِها بِالدِّينِ الحَقِّ!
ذَاكَ شَيْءٌ…وَشمُوُخُهَا أَمَامَ الْبَاطِلِ وَأهْلِهِ، دُونَ تَنَازُلٍ وَلَا سَخَطٍ …= شَيْءٌ آخَر!
ثُمَّ قَارِنْهُ بِحَالِ رِجَالٍ بِلَحى وَعَمَائِمَ…مَا إِنْ يَخْشَى أَحَدُهُمْ عَلَى وَجَاهَةٍ زَائِفَةٍ، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةٍ..=إِلَّا وَيُقَدِّمُ التَّنازلاتِ مِن دِينِه، بَلْ ويَحْلِفُ الْأَيْمَانَ الغِلاظَ…أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ السُّلْطَانَ وَذَوِيهِ…في دِينِهِم الباطِلِ…!
□ فلا تُحَدِّثَنَّ نَفْسَكَ في نَبْذِ حَقٍّ طَلباً لسَلامَةٍ،ونُفْرَةً عن مَلامَةٍ،بَلْ احمَدِ الله واثْبُتْ،ورَيِّشْ في الحَقِّ وانْبُتْ،{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}..وأَنشِدْ:
-يَا أَهَيْلَ الْحَقِّ هَيَّا = نُسْمِعُ الدُّنْيَا سَوِيَّا:
-سَوْفَ أَمْضِي فِي طَرِيقِيْ = ثَابِتَ الخَطْوِ قَوَيَّا
-لَا أُبَالِي بِالْأَعادِيْ = أَهْزِمُ الْخَصْمَ الْغَوِيَّا
…اللَّهُمَّ يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا على دِيْنِكَ-آمِينَ@
وكَتَبَ/
(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به
مِدرَاسُ الحَنَابِلةِ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها اللهُ