حمداً لله الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين، وصلاة وسلاماً على أفصح من نطق الضاد من العالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فإن أولى العلوم ذِكْراً وقدراً، وأعظمها ذُخْراً وفَخْراً: القرآنُ العظيم، المحثوثُ على تعلُّمه معنى ولفظاً، يقول النبي: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».
لذا عكف أهل الإسلام والمِلَّة: على تعليمه وتعلُّمه، ولم يَخْلُ زمان وعصر مِمَّن جَمَعَ في سبيل ذلك شيئاً، وممن تعلَّق من ذلك بسبب، وضَرَبَ فيه بِسَهْم: الشيخ المقرئ حسان بن سالم بن محمد (رحمني الله وإياه) في كتابه المستطاب ((القاعدة المكية))؛ حَيْثُ سلك في تصنيفه مسلكاً لطيفاً، غايته: تعليم القراءة والهجاء، ووسيلته: كلمات القرآن وآياته، مع حسن تهذيب وجَمْع، وبراعة تأليف وَوَضْع، فجاء كتابه وحيداً في بابه، فريداً في مِحرابه.
هذا والعصر حاله لا يَخْفى، قد جهلوا ما يَلْزمهم معرفتُه، وأخَّروا ما يَجب عليهم تَقْدمتُه، حتى صار القرآن عند كثيرين نسياً منسياً، والمشتغل به بعيداً قصياً، فالحمد لله الذي أَلْهَمَ جماعة من أولي البصائر: فَصَرَفوا إِلى القرآن عنايتهم، وشَرَّعوا فيه للناس الموارد، ومهَّدوا فيه لهم المعاهد.
اللهم أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ: أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.
وكَتَبَ/
(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به
الدِّيارُ الحِجازِيَّةُ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها الله
(1420/6/15هـ)