▪️مَقولَةُ العِمادِ ابنِ كَثيرٍ رحمَه الله في المَسألةِ جاءتْ في كِتابِه:”طَبقات الشّافعيَّة”(1/210)، حيثُ قالَ فيه:
“ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري ثلاثة أحوال:
-أولها: حال الاعتزال التي رجع عنها لا محالة.
-الحال الثاني: إثبات الصفات العقلية السبع وهي: الحياة, والعلم, والقدرة, والإرادة, والسمع, والبصر, والكلام. وتأويل الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق ونحو ذلك.
-الحال الثالث: إثبات ذلك كله من غير تكييف, ولا تشبيه, جرياً على منوال السلف، وهي طريقته في (الإبانة) التي صنفها آخراً، وشرحه القاضي الباقلاني ، ونقلها أبو القاسم ابن عساكر ، وهي التي مال إليها الباقلاني ، وإمام الحرمين ، وغيرهما من أئمة الأصحاب المتقدمين ، في أواخر أقوالهم ، والله أعلم.”ا هـ.
وحَكاها عنه مُرتَضَى الزَّبيدِيُّ رحمه الله في:”شرح الإِحياء”(2/4) كما هُنا:
● وحاصِلُها ثَلَاثَةُ أَشْيَاءٍ:
➖الأَوّل: أَنَّهُ نَاقِلٌ لَا مُنْشِئٌ،لَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي سِيَاقٍ يُفْهِمُ الإِقْرَارَ،مُصَدِّرًا النَّقْلَ بِقَوْلِهِ: (ذَكَرُوا)،وَالضَّمِيرُ قَدْ يَكُونُ لِجَمْعٍ أَوْ لِفَرْدٍ ولَوْ علَى سَبيْلِ التَّعْمِيةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ لِأَصْحَابِ (الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الأشعريِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) أَمْ لِغَيْرِهِمْ.
➖الثّاني: أَنَّهُ قَاضٍ بِتَنَقُّلِ (الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) مِنْ حَالٍ لِآخَرَ مُخَالِفٍ لَهُ، وقَصَرَها عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ،وَهِيَ: حَالُ الاِعْتِزَالِ -أَي: إِثباتِ الذاتِ الإِلهيَّةِ مُجرَّدةً عن الصّفاتِ-، وَحَالُ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ العَقْلِيَّةِ السَّبْعِ مَعَ تَأْوِيلِ الصِّفَاتِ الخَبَرِيَّةِ، وَحَالُ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ أَوْ تَشْبِيهٍ، عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ.
➖الثّالِثُ: أنَّ الاِنْتِقَالَ بَيْنَ تِلْكَ الأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَدْ وَقَعَ عَلَى التَّرْتِيبِ، بَدْءًا بِحَالِ الاِعْتِزَالِ، ثُمَّ يَلِيْهِ: حَالُ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ العَقْلِيَّةِ السَّبْعِ مَعَ تَأْوِيلِ الصِّفَاتِ الخَبَرِيَّةِ، وَأَخِيرًا: حَالُ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ أَوْ تَشْبِيهٍ، عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ.
◽️وعَلَيْهِ: فَإِنَّ تَوْبَةَ (الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الأَشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) مِنْ الاِعْتِزَالِ= مَشْهُورَةٌ… أَثْبَتَهَا أَصْحَابُهُ وَمُتَرْجِمُوهُ… بَدْءًا بِاِبْنِ النَّديمِ (ت 438 ه) فِي: “الفَهْرَستْ” -وكانَ مُعتَزِليّاً مُتَشَيِّعاً كما في:” تاريخ الإسلام( 833/8 ) للذَّهَبِيِّ- فَمَن بَعدُ
وَكَانَتْ فَيئتُه – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – إِلَى مَا عَلَيْهِ مُتَكَلِّمُو أَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ كَانَ يَنْعَتُهُمْ المُعْتَزِلَةُ بِ (الصِّفاتِيَّةِ)؛ لِكَوْنِهِمْ يُخالِفُونَهُم فَيُثْبِتُونَ لِلذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ صِفَاتٍ تَقُومُ بِهَا، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الأَفْضَلُ الشَّهْرَسْتانيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي: “المِلَلُ والنِّحَلُ”:
“وَأَمَّا السَّلَفُ الَّذِينَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلتَّأْوِيلِ، وَلَا تَهَدَّفُوا لِلتَّشْبِيهِ= فَمِنْهِمْ: مَالِكُ بِنُ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ إِذْ قَالَ: (الاِسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالكَيْفِيَّةُ مَجْهُولَةٌ، وَالإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ). وَمِثْلُ: أَحْمَدَ بِنِ حَنْبَل رَحِمَهُ الله، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَدَاوُدَ بِنِ عَلَيٍّ الأَصْفهانيِّ،وَمِنْ تَابَعَهُِمْ ، حَتَّى اِنْتَهَى الزَّمَانُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ الكُلّابيِّ وَأَبِي العَبَّاسِ القلانسي وَالحَارِثِ بِنْ أَسَدٍ المُحاسِبيِّ، وَهَؤُلَاءِ كَانُوا مِنْ جُمْلَةِ السَّلَفِ إِلَّا أَنَّهُمْ بَاشَرُوا عِلْمَ الكَلَامِ، وَأَيَّدُوا عَقَائِدَ السَّلَفِ بِحُجَجٍ كَلَامِيَّةٍ،وَبَرَاهِينَ أُصُولِيَّةٍ، وَصَنَّفَ بَعْضُهُمْ وَدَرَسَ بَعْضٌ حَتَّى جَرْى بَيْنَ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ وَبَيْنَ أُسْتَاذِهِ مُنَاظَرَةٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الصَّلَاحِ وَالأَصْلَحِ فَتَخَاصَمًا، وَاِنْحَازَ الأَشْعَرِيُّ إِلَى هَذِهِ الطَّائِفَةِ، فَأَيَّدَ مَقَالَتَهُمْ بِمَنَاهِجَ كَلَامِيَّةٍ، وَصَارَ ذَلِكَ مَذْهَبًا لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَاِنْتَقَلَتْ سِمَةُ الصِّفاتيَّةِ إِلَى الأَشْعَرِيَّةِ”.
● ولا يُعرَفُ عندَ أَصْحابِ (الإِمامِ أَبي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رَضيَ اللهُ عنه) انْتِكاسُهُ عَن ذلكَ! وكُتُبُه مُبَرْهِنةٌ علَيهِ،سَوَاءٌ مَا وَصَلَنَا مِنْهَا أَمْ مَا نَقَلَهُ أَئمَّةُ الأَشاعِرَةِ ولَخَّصُوهُ كَاِبْنِ فُورَك(ت/406 هـ)…رَحمَهُم اللهُ،وَمُعْتَقَدُهُم مُتَوارَثٌ مَحْفُوظٌ،وهِيَ مَيزَةٌ جَعَلَتْ أَبا المَواهبِ الحَسَنَ بنَ مَسْعودٍ اليُوْسِي (ت/1102هـ)رَحمَه اللهُ يَقُولُ في:”حَواشِي الكُبرى”(ص/231) :
“ولا خَفاءَ أَنَّ بَقاءَ طَريقِ الأَشاعرة إلى آخرِ الدَّهْر،واضْمِحْلالَ غَيرِها مِن الطُّرُقِ= مِن أَقْوى الأَماراتِ على أَنَّها الحَقُّ، وأَنَّها التي عليها النَّبيُّ المُصطَفى-صلى الله عليه وسلم- وأَصْحابُه، ثَبَّتَنا اللهُ عليها حالاً ومآلاً، وجميعَ المُؤْمنينَ بها بمَنِّه ورَأْفَتِه”انتَهَى.
● ومِنْ ثَمَّ يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا زُعِمَ مِنْ تَنَقُّلِ (الإِمَامِ أَبِي الحَسَنُ الأَشعريِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) بَيْنَ مَرَاحِلَ ثَلَاثٍ كَمَا بِعَالِيهِ،وذلكَ لَأَنَّهُ خَبَرٌ مُنْقَطِعُ الإِسْنادِ،مَعَ كَونِهِ مُعْتَلّاً بِعِلَّتَينِ:
➖أمّا الأُولَى: مُخَالَفَتُهُ لِلمَعْرُوفِ المُسْتَفِيضِ عَنْ (الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَأَصْحابِهِ المُتَكَلِّمِينَ.
➖أمّا الثَّانِيَةُ: فَقَصْرُهُ الحَالَ الثَّانِيَةَ فَالثَّالِثَةَ = عَلَى قَضِيَّةِ (الصِّفَاتِ الإِلَهِيَّةِ)!…وَأَنْتَ خَبِيرٌ أَنَّ تَوْبَةَ (الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) عَن الاعْتِزالِ= لَمْ تَكُنْ قَاصِرَةً عَلَى قَضِيَّةِ (الصِّفَاتِ الإِلَهِيَّةِ)، بَلْ تَشمَلُ قَضَايَا الخِلَافِ مَعَ المَعتَزلةِ فِي (الإِلَهِيَّاتِ) وَ (النُّبوّاتِ) وَ (السَّمْعِيَّاتِ)…مَعَ كَونِهِ قَدْ ذَهَبَ إِلى ما علَيهِ مُتَكَلَّمو أَهلِ السَّنَّةِ كابنِ كُلّابٍ رَحمَه اللهُ -كما في:”الملل والنحل”للشهرستاني بعالِيهِ-،وهُم يُفوِّضونَ في (الصِّفاتِ الخَبَرِيَّةَ) مع التَّنْزِيهِ،وقَدْ يَتَأَوَّلونَها بِما يَتَّفِقُ مَعَ قَواعِدِ الشَّرْعِ واللُّغَةِ؛ لذا قَال الحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ الله فِي: “لِسَانُ المِيزَانِ” (3/291): “وَعَلَى طَرِيقَتِهِ – يَعْنِي: اِبْنَ كُلّابٍ – مَشَى الأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابِ <الإبانة>” أَه.
ثُمَّ قَوْلُ الأَشْعَرِيِّ بالتَّردُّد بَيْنَ التَّفْوِيضِ والتّأويل لَهُ مَفْهُومٌ وَحُكْمٌ، لَخَّصَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ العَدَويّ (ت / 1201) الشَّهِيرُ بِ (الدَّرْدِير) رَحِمَهُ الله فِي: “شَرْحُ الخَريدَة” (ص / 206 – أَبُو زَيْدٍ) بَقَولِه: “الحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ، أَيْ: حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ إِلَّا أَنَّ الخَلَفَ عَيَّنُوا المَحامِلَ، فَتَأْوِيلُهُمْ تَفْصِيلِيٌّ، وَتَأْوِيلُ السَّلَفِ إِجْمَالِيٌّ.
فَقَوْلُ العَلَّامَةِ اللَّقَانِيِّ: (وَكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيها ** أَوِّلْهُ) أَيْ: تَفْصِيلًا, وَقَوْلُهُ: (أَوْ فَوِّضْ) أَيْ: بِأَنْ تُؤوِّلَه إِجْمَالًا عَلَى مَعْنى أَنَّكَ لَا تُعَيِّنُ لَهَا مَحْمَلًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعدَهُ: (وَرُمْ تَنْزِيهًا)، وَ (أَوْ) فِي كَلَامِهِ رَحِمَهُ الله = للتَّخْييرِ “اِنْتَهَى.
فَلَا مُنافَرةَ بَيْنَ القَوْلِ بِ (التَّفْوِيضِ) وَ (التَّأْوِيلِ) عندَهُم؛ لذا عَلَّقَ الصّاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي: “حَاشِيَةُ شَرْحِ الخَريدة” (ص / 1 – نَصّار) عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ الدَّردِيرِ فَقَالَ: “قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنَّ الخَلَفَ عَيَّنُوا… إلخ) فَاِرْتِكَابُ أَحَدِهِمَا كَافٍ فِي العَقِيدَةِ، والشَّخْصُ مُخَيَّرٌ فِي اِتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شاءَ؛ لأنَّهما مُتَّفِقَانِ عَلَى تَنْزِيهِهِ تَعَالَى عَنْ المَعْنَى المُحَالِ، وَعَلَى الإِيمَانِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ، لَكِنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ مَعْنَيً صَحِيحٍ وَعَدَمِ تَعْيِينِهِ”انتَهَى.
◽️وعَلَيْهِ: فَإِذَا اِخْتَارَ أَشْعَرِيٌّ إِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ فِي مَقَامٍ أَوْ كِتَابٍ = فَلَا يَدُلُّ ذلكَ -لا مِن قَريبٍ أَو بَعيدٍ- عَلَى نَبْذِهِ لِمُعْتَقَدِهِ الأَشْعَرِيِّ، كَمَا قَدْ يَظُنُّهُ جاهِلٌ غَوِيٌّ،اتَّسَمَ كَلامُهُ بِعَجْرَفَةٍ، وَقِلَّةِ مَعْرِفَةٍ،وَلذا قَالَ التَّاجُ السُّبكيُّ رَحِمَهُ الله في:”الطَّبَقات الكُبرى”(5/191) عَنْ اِخْتِيَارِ أَبَى المَعَالِي الجُوَينِي رَحِمَهُ الله لِمَسلَكِ التَّفْوِيضِ فِي بَعضِ كُتُبِهِ :
“لِلأَشاعرَة قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، هَلْ تُمَرُّ عَلَى ظَاهِرِهَا مَعَ اِعْتِقَادِ التَّنْزِيهِ، أَوْ تُؤَوَّلُ؟ وَالقَوْلُ بِالإِمْرَارِ مَعَ اِعْتِقَادِ التَّنْزِيهِ= هُوَ المَعْزوُّ إِلَى السَّلْفِ، وَهُوَ اِخْتِيَارُ الإِمَامِ [ الجُوَينيِّ ] فِي <الرِّسالةِ النِّظامِيَّة> وَفِي مَوَاضِعَ مِنْ كَلَامِهِ، فَرُجُوعُهُ مَعناه الرُّجُوعُ عَنْ التَّأْوِيلِ إِلَى التَّفْوِيضِ، وَلَا إِنْكَارَ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي مُقَابِلِهِ -يَعْنِي: مُقابِلِ(التَّفَويضِ)،وهَوَ (التَّأْوِيلُ)-، فَإِنَّهَا مُسَالَةٌ اجتهاديةٌ، أَعْنِي: مَسْأَلَةَ التَّأْوِيلِ وَالتَّفْوِيضِ مَعَ اِعْتِقَادِ التَّنْزِيهِ”
● ومَنْ يَتَأَمَّلْ مُحَصَّلَ مَا حَكَاهُ اِبْنُ كَثِيرٍ (ت / 774 ه)، مَعَ مَا ضَمَّنَهُ مِنْ تَعْلِيلٍ وَتَمْثِيلٍ… يَجِدْهُ مُتَّفِقًا مَعَ تَقْرِيرَاتٍ لشَيخِه التَّقيِّ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ (ت / 728 ه) رَحِمَهُ اللهُ[1]..وقَدْ كانَ العِمادُ مُتابِعاً لَهُ،وامْتُحِنَ بِسَبَبِ ذلكَ،قَالَ عَنْهُ اِبْنُ حَجَرٍ العَسْقلانيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي: “الدُّرَرُ الكَامِنَةُ” (1/445-446): “وَأَخَذَ عَنْ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ فَفُتِنَ بِحُبِّهِ، وَاِمْتُحِنَ لِسَبَبِهِ” اِنْتَهَى المُرَادُ.
● ثمَّ التَّعويلُ عَلَى كِتَابِ: “الإِبَانَةُ” عَلَى أَنَّهُ آخِرُ مَا صَنَّفَهُ (الإِمَامُ أبوالحسَنِ الأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ)= مَحَلُّ بَحْثٍ وَنِزَاعٍ[2]،وَلَوْ سُلِّمَ فَنُسَخُهُ المَنْشُورَةُ غَيْرُ وَثِيقَةٍ[3]، وَمَا يَتَنَاقَلُهُ -مِنهُ- مُناوِؤون لِلأَشْعَرِيَّةِ = حَمَّالُ وُجُوهٍ، وَالقَاعِدَةُ أَنَّهُ: “لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ [ الثِّقَةِ ] عَلَى غَيْرِ مَا تُعِّودَ مِنْهُ” [ قَاعِدَة الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (ص / 93) لِلتَّاجِ السُّبْكيّ ]؛لذا قال الشيخُ زاهِد الكَوثَريُّ رَحمَه الله :”وَقَدْ تَلَاحَقَتْ أَقْلَامُ الحَشْوِيَّةِ بِالتَّصَرُّفِ فِي <الإِبانة>، وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ فِتَنِ بَغْدَاد[4]، فَلَا تَعويلَ عَلَى مَا فِيهَا مِمَّا يُخَالِفُ نُصُوصَ أَئِمَّةِ المَذْهَبِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَصْحَابِ أَصْحَابِهِ”[تَعليقةٌ على:”السَّيف الصَّقيل”( ص/108)].
وبهذا القَدْر كِفايةٌ،لمَن أَرادَ الهِدايةَ،واللهُ الهادِي، لا رَبَّ سِواهُ@
[1]وَهَكَذَا تَابَعَهُ تَلَامِيذُ، كَالذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ الله فِي رِسالَةِ: “العَرْش”… كَمَا هُنَا:
فَكَأَنَّ اِبْنَ تَيْمِيَّةَ وَأَتْبَاعَهُ هُمْ الَّذِينَ عَنَاهُمْ اِبْنُ كَثِيرٍ بِقَوْلِهِ: “ذَكَرُوا لِلشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ:…”.
[2]ومِن آخِر ما وَقفتُ علَيه بحثٌ عُنوانُه:”إشكالية زمن تأليف الأشعري كتابي اللمع والإبانة”للدكتور إبراهيم برقان،قَرَّرَ فيه إِبطالَ كونِ :”الإبانة” آخِرَ كُتبِ (أَبي الحسنِ الأَشعرِي)،وقال (ص/208):” “يُعَدُّ كتابُ: <الإبانة> الأَسبَق زَمَنيّا في التّأليف مِن كتاب:<اللُّمَع>”
وقال الشيخُ زاهِدٌ الكَوثَري رحمه الله:”وَتَأْلِيفُ <الإِبَانَةِ> كَانَ فِي أَوَائِلِ رُجُوعِهِ عَنْ الاِعْتِزَالِ؛ لِتَدْرِيجِ البَرْبَهاريِّ إِلَى مُعْتَقَدِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهَا آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ= فَقَدْ ظَنَّ بَاطِلًا”[تَعليقةٌ على:”السَّيف الصَّقيل”( ص/108)]
[3] قال الشيخ الكوثري رحمه الله في تَقديمِ كتابِ:”تَبيين كذب المُفترِي” :”والنُّسخة المَطبوعة في الهند مِن <الإبانة>= نُسخةٌ مُصَحَّفةٌ مُحَرَّفةٌ، تَلاعبتْ بها الأَيدي الأَثيمة، فيَجب إعادةُ طبعها مِن أصْلٍ مَوثُوق” اهـ .وأَيَّدَه البَحّاثة عبدالرحمن بدوي في:”مذاهب الإسلاميين”( 1/516 ).وانظُر:”نظرة علمية في نسبة كتاب الإبانة جميعه للإمام أبي الحسن الأشعري”لوهبي غاووجي رحمه الله
[4]وقد أَجْمَل ابنُ الأَثير رحمه الله في:”الكامِل” تلكَ الفِتْنَةَ -مُشيراً لِمَا كان مِن البَرْبَهارِي الحنبليّ وأَتباعِه-…كَما هُنا:
::::::::::::::::::