عنوان: تبرئة الإمام الرازي من الكفر
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
فخر الدين أبو عبدالله محمد بن عمر الرازي: (ت/ 606هـ) اتهمه جماعة بالكفر لتأليفه كتاب: “السر المكتوم في مخاطبة النجوم” ومنهم التقي ابن تيمية رحمه الله -كما في ” مجموع الفتاوي ” (4/55)-: “وأبلغ من ذلك أن منهم من يصنف في دين المشركين والردة عن الإسلام كما صنف الرازي كتابه في عبادة الكواكب والأصنام وأقام الأدلة على حسن ذلك ومنفعته ورغب فيه وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين وإن كان قد يكون تاب منه وعاد إلى الإسلام . أهـ. وكذا الحافظ الذهبي رحمه الله في: “ميزان الإعتدال”(3/240)
وتُرَدُّ تلك التهمة بمجموعة ضمائم:
أولها: أن هناك اختلافا في صحة نسبة الكتاب للفخر الرازي، وأشار لذلك التاج السبكي رحمه الله في: “طبقات الشافعية”(8/88) بقوله: “وقال الذهبي في “الميزان” : (له كتاب أسرار النجوم سحر صريح). قلت : وقد عرَّفناك أن الكتاب مُخْتَلَقٌ عليه , وبتقدير صحته إليه ليس بسحر , فليتأمله من يُحْسِن السَّحْر ” ا.هـ.
وثانيها: أن في مقدمة:”السر المكتوب” ما نصه: “أما بعد: فهذا كتاب يَجْمَعُ فيه ما وصل إلينا من علم الطَّلْسَمات والسِّحْريات والعزائم ودعوة الكواكب، مع التَّبَرِّي عن كل ما يُخالف الدين وسليم اليقين” ا.هـ المراد.
وهو صريح في عدم اعتقاده بما فيه من مخالفات، ومعلوم أن ناقل الكفر ليس بكافر، يقول الحافظ الذهبي رحمه الله في “ميزان الاعتدال” (4/162) : “وحاكي الكفر ليس بكافر، فإن الله تبارك وتعالى قص علينا في كتابه صريح كفر النصارى واليهود وفرعون ونمرود وغيرهم ” انتهى.
وثالثها: تصريح الفخر الرازي رحمه الله في تفسيره المسمى ب”التفسير الكبير” بكفر معتقد أن الكواكب هي المدبرة؛ حيث قال عند تفسير قوله تعالى: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ…”: “المسألة السادسة : في أن الساحر قد يكفر أم لا ، اختلف الفقهاء في أن الساحر هل يكفر أم لا؟ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقهما بقول فقد كفر بما أنزل على محمد » عليه السلام واعلم أنه لا نزاع بين الأمة في أن من اعتقد أن الكواكب هي المدبرة لهذا العالم وهي الخالقة لما فيه من الحوادث والخيرات والشرور ، فإنه يكون كافراً على الاطلاق وهذا هو النوع الأول من السحر ” ا.هـ.
ورابعها: أن تعلُّم السحر دون وقوع في محرم أو كفر قد جوَّزه بعض، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في: “فتح الباري”(10/226) : “وفي المسألة اختلاف كثير وتفاصيل ليس هذا موضع بسطها وقد أجاز بعض العلماء تعلم السحر لأحد أمرين إما لتمييز ما فيه كفر من غيره وإما لأزالته عمن وقع فيه فأما الأول فلا محذور فيه إلا من جهة الاعتقاد فإذا سلم الاعتقاد فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعا كمن يعرف كيفية عبادة أهل الأوثان للأوثان لأن كيفية ما يعمله الساحر إنما هي حكاية قول أو فعل بخلاف تعاطيه والعمل به وأما الثاني فإن كان لا يتم كما زعم بعضهم إلا بنوع من أنواع الكفر أو الفسق فلا يحل أصلا وإلا جاز للمعنى المذكور وسيأتي مزيد لذلك في باب هل يستخرج السحر قريبا والله أعلم وهذا فصل الخطاب في هذه المسألة” انتهى.
هذا، والله الموفق، لا رب سواه
تمت بحمد الله
0 Responses
جزاك الله خير فقد افدت ودافعت عن عرض عالم رباني