مسألة: بيع المصحف الشريف
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
لا فرق في مسألة حكم بيع المصحف الشريف على المسلم بين كون المصحف الشريف كاملاً أو مجزءاً عند السادة الفقهاء ، ولهم فيها ثلاثة أقوال مشهورة ، هي روايات عن الإمام أحمد رضي الله عنه ورحمه :
أولهـا : جواز ذلك من غير كراهة . وهو مذهب الحنفية – كما في :”حاشية ابن عابدين “(5/105) و”الهداية”(1/130)- ومذهب المالكية -كما في “مواهب الجليل”(4/253) و”حاشية الدسوقي”(3/7)- ورواية عن الإمام أحمد رضي الله عنه -كما في :”الإنصاف”(11/40)-.
وثانيها : جواز ذلك مع الكراهة . وهو مذهب الشافعية – كما في :”المجموع شرح المهذب”(9/252) و”مغني المحتاج”(2/20)، ورواية عن الإمام أحمد رضي الله عنه ورحمه -كما في “الإنصاف” (11/40)-.
ثالثها : عدم جواز ذلك . وهو مذهب الحنابلة على المعتمد -كما في “الإنصاف”(11/40) و”كشاف القناع”(3/ 178 ) .
والمختار-كما في “المغني” (6/302) وغيره- : التحريم ويصححه شيئان :
أولهما : الخبر . ومنه ماخرجه البيهقي في “السنن الكبرى”(6/16) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : “لوددت أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف” . قال أبو الفرج المقدسي رحمه الله في : “الشرح الكبير”(11/41):”ولنا قول الصحابة ولم نعلم لهم مخالفاً في عصرهم ” ا.هـ المراد . وفيه (11/39) :” قال أحمد : لا أعلم في بيع المصاحف رخصة”.أ.هـ
والثاني : علة صيانة المصحف . قال في “الشرح الكبير”(11/41) :”ولأنه يشتمل على كلام الله تعالى فتجب صيانته عن البيع والابتذال “أ.هـ ، وقال أبو المواهب العكبري رحمه الله في “رؤوس المسائل الخلافية”(2/726):”لأن جواز بيعه يؤدي إلى هتك حرمته ؛ لأن العادة أن مشتريه يماكس ، ويطلبه بأقل شيء ، وإذا أدى إلى ذلك لم يجز بيعه ؛ لأنه يؤدي إلى بغض الإسلام ، ولهذا المعنى يمنع الذمي من شرائه ، ومنعنا بيع المسلمة من الذمي “أ.هـ .
تنبيه : المعتمد عند السادة الحنابلة -كما في “كشاف القناع”(3/ 178 ) وغيره :صحة عقد البيع للمصحف لو وقع بيعه .
فائدة : قال أبو الفرج المقدسي رحمه الله في :”الشرح الكبير”(11/41):”أما الشراء -أي للمصحف-فهو أسهل ؛ لأنه استنقاذ للمصحف ، وبذله لماله فيه ، فجاز كما جاز شراء رباع مكة واستئجار دورها ، ولم نر بيعها ولا أخذ أجرتها ، وكذلك دفع الأجرة إلى الحجام لا يكره مع كراهية كسبه . والرواية الأخرى : يكره ؛ لأن المقصود منه كلام الله تعالى ، فيجب صيانته عن الابتذال ، وفي جواز شرائه التسبب إلى ذلك والمعونة عليه”.أهـ .
والمعتمد عدم الكراهة في الشراء – كما في “كشاف القناع”(1/136) وغيره ، وهو مذهب الشافعية -كما في “المجموع “(9/252). وغيرهم .
تمت بحمد الله