▪️قال أَبو الفَرَجِ ابنُ الجَوزِيّ(ت/597) رَحمَه الله في:”صَيد الخاطِر” :
“”فصلٌ: النَّظَر في العاقِبة عَدْلٌ
¤اشْتدَّ الغلاءُ ببَغدادَ في أَوَّل سَنةِ خَمْسٍ وسَبْعينَ،وكُلَّما جاءَ الشَّعير زادَ السِّعرُ!.. فتواقع الناس على إشْتراءِ الطَّعام، فاغتَبطَ مَن يَستعدُّ كُلَّ سَنةٍ يَزْرَعُ ما يَقوتُه،وفَرِحَ مَن بادَر في أَوَّلِ نَيسان إلى إشتراءِ الطَّعام فإِنَّه يُضاعِف ثَمنَه!..وأَخرَج الفُقراءُ ما في بُيوتِهم فرَمَوه في سُوق الهَوان! وبانَ ذُلُّ نُفوسٍ كانتْ عَزيزةً.
¤فقلتُ: يا نفسُ خُذِي مِن هذه الحالِ إِشارةً، ليُغْبَطَنَّ مَن له عملٌ صالحٌ وقتَ الحاجةِ إِليه،وليَفرَحَنَّ مَن له جوابٌ عند إِقبالِ المَسألةِ. وكُلُّ الوَيلِ على المُفرِّط الذي لا يَنظُر في عاقبتِه،فتنبهي فقد نَبَّهتْ ناسياً الدُّنيا على أَمرِ الآخرة. وبادِري مَوسِم الزَّرْع ما دامتْ الرُّوحُ في البَدَن،فالزمان كلُّه تشرين،قبل أنْ يَدخُل نيسان الحصاد= ومالَكِ زَرعٌ، وحاجةُ المُفتَقرين إلى أَموالِهم تَمْنَعُهم مِن الإِيثار”.
🔺فانظُر -رحمني اللهُ وإياكَ- إلى تلك النَّفس، التي تَلتَقط (الإشارة)بالأَمْس= مِن وقائع الحياة الزّاخِرة، بما يَنفعُها في الآخرة…إِنها لَنَفْسٌ راشِدةٌ..