◾️قال البُرْهان اللَّقانيّ رحمه الله في:<جَوهَرَة التّوحِيد> :
80- وأوِّلِ (التَّشَاجُرَ) الذي وَرَدْ = إِنْ خُضْتَ فيه، واجْتَنِبْ داءَ الحَسَدْ
المَعنَى:
“وقد وقع تَشاجر بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وقد اقترفتْ الصحابةُ ثلاثَ فِرق:
1- فِرقة اجتهدت فظهر لها أنّ الحق مع علي فقاتلتْ معه
2- وفِرقة اجتهدتْ فظهر لها أنّ الحق مع معاوية فقاتلتْ معه
3- وفِرقة توقَّفتْ.
وقد قال العلماء: المصيب بأجرين والمخطئ بأجر، وقد شهد الله ورسوله لهم بالعدالة،
▫️ والمراد مِن تأويل ذلك أنْ يُصرف إلى مَحلٍّ حسَن لتَحسين الظَّنِّ بهم، فلم يَخرج واحد مِنهم عن العدالة بما وقع بينهم؛ لأنّهم مجتهدون”[حاشية البَيجُورِيّ على جَوهَرَة التَّوحيد (ص/ 245) ]
ثُمّ “للصَّحابةِ بأسرِهِم خَصيصةٌ، وهيَ أنَّه لا يُسألُ عن عَدالةِ أحَدٍ مِنهم، بَل ذلك أمرٌ مَفروغٌ مِنهُ؛ لكَونِهِم عَلى الإطلاقِ مُعَدَّلين بنُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ مَن يُعتَدُّ به في الإجماعِ مِنَ الأمَّةِ. قال اللهُ تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية. قيلَ: اتَّفَقَ المُفَسِّرونَ عَلى أنَّه وارِدٌ في أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] ، وهَذا خِطابٌ مَعَ المَوجودينَ حينَئِذٍ. وقال سُبحانَه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29] الآيةُ.
وفي نُصوصِ السُّنَّةِ الشَّاهِدةِ بذلك كثرةٌ؛ مِنها حَديثُ أبي سَعيدٍ المُتَّفَقُ عَلى صِحَّتِه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فوالَّذي نَفسي بيدِه لو أنَّ أحَدَكم أنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما أدرَكَ مُدَّ أحَدِهم ولا نَصيفَه )) .
ثُمَّ إنَّ الأمَّةَ مُجْمِعةٌ عَلى تَعديلِ جَميعِ الصَّحابةِ، ومَن لابَسَ الفِتَنَ مِنهم فكَذلك بإجماعِ العُلَماءِ الَّذينَ يُعتَدُّ بهِم في الإجماعِ؛ إحسانًا للظَّنِّ بهِم ونَظَرًا إلى ما تَمهَّد لهم مِنَ المآثِرِ، وكَأنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى أتاحَ الإجماعَ عَلى ذلك؛ لكَونِهِم نَقَلةَ الشَّريعة”[ <المُقدِّمة> (ص/397) للتقي ابن الصلاح[1]]
وتَقريرُ ذلكَ في مُدَوَّناتِ أَهلِ السُّنَّة مُستَفِيضٌ؛ حتّى غَدا شِعارًا لهم، ومِنه قول صاحِب:<الزُّبَد> :
وَمَا جَرَى بَينَ الصِّحابِ نَسْكُتُ .=. عَنهُ وَأَجْرُ الِاجْتِهَادِ نُثْبِتُ[2]
والله الهادِي، لا رَبَّ سِواه@
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
[1] “الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ الْمُفْتِي صَلَاحِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مُوسَى الْكُرْدِيُّ الشَّهْرُزُورِيُّ الْمَوْصِلِيُّ الشَّافِعِيُّ ، صَاحِبُ ” عُلُومِ الْحَدِيثِ ” …(اتْبَع)
https://2h.ae/KjiU
[2] “أي: أَنه يجب سُكوتنا عَمَّا جرى بَين الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم من المنازعات والمحاربات الَّتِى قتل بِسَبَبِهَا كثير مِنْهُم ، فَتلك دِمَاءٌ طهَّر اللهُ مِنْهَا أَيْدِينَا= فَلَا نُلوِّث بهَا أَلسنتَنا ، كمُنازَعة مُعَاوِيَة عليًّا بِسَبَب تَأْخِير تَسْلِيم قتلة عُثْمَان إِلَى عشيرته ليَقتَصُّوا مِنْهُم؛ لِأَنّ عليًّا رأَى تَأْخِيرَ تَسليمِهم أَصوبَ؛ لِأَنّ الْمُبَادرَة بِالْقَبْضِ عَلَيْهِم مَعَ كَثْرَةِ عشيرتِهم، واختلاطهم بالعسكر= تُؤَدّى إِلَى أضطراب أَمر الإِمامة…(اتبَع)
https://shamela.ws/book/6136/14
لذا قال ابن حجر الهَيتَمِيّ رحمه الله في:<الصّواعِق المُحرِقة> (2/603) : “اعْلَم أَن الَّذِي أَجمع عَلَيْهِ أهلُ السّنة وَالْجَمَاعَة أَنه يَجب على كلِّ أحدٍ تَزْكِيَةُ جَمِيع الصَّحَابَة؛ بِإِثْبَاتِ الْعَدَالَة لَهُم والكَفِّ عَن الطَّعْن فيهم…”
https://shamela.ws/book/6544/575
.
:::::::::::