لَمَّا كانتْ كُتبُ (عُلومِ الشَّريعَةِ وآلَتِها) كُنوزاً مَلْئى= فإِنَّ العُلَماءَ هُم مَفاتِيحُها،والتَّلَقِّي عنهُم هُو شَرْطٌ عادِيٌّ للانْتِفاعِ بِها؛ لذا قال أَبوإِسْحاقَ الشَّاطِبِيُّ(ت/790) رَحمَه اللهُ في:”المُوافَقات”:
“مُطَالَعَةُ كُتُبِ الْمُصَنِّفِينَ،وَمُدَوِّنِي الدَّوَاوِينَ=نَافِعٌ فِي بَابِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِنْ فَهْمِ مَقَاصِدِ ذَلِكَ الْعِلْمِ الْمَطْلُوبِ،وَمَعْرِفَةِ اصْطِلَاحَاتِ أَهْلِه=ِ مَا يَتِمُّ لَهُ بِهِ النَّظَرُ فِي الْكُتُبِ.
وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمُشَافَهَةِ الْعُلَمَاءِ أَوْ مِمَّا هُوَ رَاجِعٌ إِلَيْهِ،وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ:(كَانَ الْعِلْمُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ،ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْكُتُبِ،وَمَفَاتِحُهُ بِأَيْدِي الرِّجَالِ)!
وَالْكُتُبُ وَحْدَهَا لَا تُفِيدُ الطَّالِبَ مِنْهَا شَيْئًا= دُونَ فَتْحِ الْعُلَمَاءِ،وَهُوَ مُشَاهَدٌ مُعْتَادٌ”انتَهى بتَصَرُّفٍ [وهُو حَذْفُ شَرْطِ:(كُتب المُتَقَدِّمِين).فتَنَبَّه!]
http://cutt.us/p7NCi
¤إِلَّا أَنَّ ذلكَ المِفتاحَ المَشْرُوطَ= له أَسنانٌ تَرْجِعُ إِلى شَيئينِ:
-أَوّلُهُما: تَحَقُّقُ المُعلِّمِ في الأَهْلِيَّةِ العِلْمِيَّةِ تَحَمُّلاً وأَداءً، مَع ما يَتْبَعُها عند الاقتِداءِ بِه!
وهُو ما عَناهُ ابنُ أَبي جَمْرَةَ(ت/599)رحمَه اللهُ في:”بَهْجَة النُّفُوس”(1/104) بقوله:
“مَفاتِيحُ الكُتبِ في صُدورِ الرِّجالِ،ثُمَّ الآن قلَّتْ المَفاتيحُ!
وإنْ وُجِد مِفتاحٌ= فقَلَّ أَنْ يكون مُسْتَقِيماً إلا النّادِرَ القَليلَ”انتَهَى.
-الثاني: التَّلَقِّي الصَّحيحُ للعِلْمِ على العالِمِ،ولَو بدراسَةِ مُختَصَرٍ صالِحٍ فيه..فلا يَكفِي -مَثَلاً- في التَّفَقُّه العَرْضُ ومُجَرَّدُ القِراءَةِ..بَلْ شَرْطُه التَّصويرُ والماصَدَق للمَسائل،ودَفْعُ الشُّبَهِ المانِعَةِ بالدَّلائلِ.
•ومِمّا وَقفتُ علَيه: شَيخٌ تَصدَّر لتَعليمِ مَذْهَبٍ فِقْهِيٍّ= لَمْ يَتَلقَّه على عُلَماءَ بذلكَ المَذْهَبِ،مِع اقْرارِه بأَنَّه لَمْ يَدرُس فيه كِتاباً،بَلْ قَرَأَ -مُجرَّدَ تِلاوَةٍ!- جُزْءاً مِن مُختَصَرٍ فيه،على شَيخٍ فأَجازَه بباقِيه!
فإِذا كان ذلكَ هُوَ حالَ المُتَمَشْيِخِ واعْوِجاجِهِ= فَقْلْ لِي بِربِّكَ كَيفَ يَكونُ حالُ نِتاجِه؟!
وقد قيل قديما:(مَنْ تَصَدَّرَ قَبْلَ أَوَانِهِ،فَقَدْ تَصَدَّى لِهَوَانِهِ)
http://t.co/azIczsN9I5
وكَتَبَ/
(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به
مِدرَاسُ الحَنَابِلةِ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها الله