بسم الله الرحمن الرحيم
استشارة:
انشغلتُ لفترةٍ في ملاحقة مشايخ الإجازة في الحديث وغيره،ولكن بدون دراسة وضبط لغويٍّ وفقهيٍّ لتلك الكتب،وربما قرأ أحدهم الكتاب بسرعةٍ لا نكاد نُدركه! فهل تُشيرون عليَّ بمواصلة ذلكَ خاصة أنه يُشغِل عن مسيرة دراسة العلوم الشرعية والآليَّة
وجزاكم الله خيرا
الإرشاد:
مرحبا بكم عزيزي
لاينبغي الإنشغال بتحصيل الإجازة في الرواية عن المحدثين الثقات على وجهٍ يُضِرُّ بتحصيلِ الأهلية العلمية، لأن العبرة بها، وفي ذلك يقول العلامة محمد المرعشي “الشهيربساجقِلِّي زادة“(ت/1145هـ) رحمه الله تعالى في كتابه:”ترتيب العلوم“(ص:168-169) : ” وقد اشتهرت الإجازة من الشيخ المحدث لمن آنس منه أهلية لإفادة الحديث.
–قال السيوطي في: (الإتقان) “شرط جواز إفادة الحديث الأهلية لاالإجازة ،
وإنما اصطلح الناس على الإجازة لأنها كالشهادة من الشيخ بالأهلية ،
ويحرم على الشيخ الإجازة لمن علم عدم أهليته لإفادة الحديث “.أ.هـ.
– أقول : فمن ليس له أهلية لإفادة الحديث ، لايجوز أخذ الحديث عنه ولو
أجاز له شيوخ الدنيا جميعا ، ومن له أهلية لتلك يجوز أخذه عنه وإن لم يجز له أحد!
– نعم قد يكون شخص أهلا لإفادة الحديث رواية فقط ، بقوة حفظه ألفاظ الحديث ،ولايكون له اطلاع على معانيه ، فيجوز للشيخ الإجازة له برواية ماحفظه منه بدون التعرض إلى معناه ، والعجب ممن ليس له أهلية لإفادة الحديث لارواية ولادراية يصادف شيخا من شيوخ الحديث ، فيقترح عليه الإجازة له
بإفادة الحديث ، فيكتب له رسالة يشهد له فيها بالأهلية ويرتكب الشهادة الكاذبة والإجازة المحرمة ،فيشرع ذلك المجاز له بإفادة الحديث ظنا منه أن تلك الإجازة صيرته أهلا للإفادة ، مع أن الإجازة لم تؤثر فيه شيئا ، وإلا لارتفع من الدنيا مؤنة التحصيل .
نعم من كان له أهلية لإفادة الحديث ينبغي أن يتبرك بإجازة الشيخ المحدث المجاز له ولشيوخه إلى أن تنتهي إلى مخرج الأحاديث. كالبخاري ومسلم“انتهى.
ثم إنه لا يُعوَّل على أسانيد العصور المتأخرة بعد اشتهار كتب الحديث واعتمادها عند أمة الإسلام،ولكن المقصود بركة الإسناد؛ لذا
قَالَ ابنُ جَمَاعَةَ(ت/733هـ) رَحِمَهُ اللهُ تعالى، في “المَنْهَلِ الرَّوِي“(ص/34) : “لَيْسَ المَقْصُوْدُ بالسَّنَدِ في عَصْرِنا إثْبَاتَ الحَدِيْثِ المَرْوِيِّ وتَصْحِيْحِه؛ إذْ لَيْسَ يَخْلُوا فِيْه سَنَدٌ عَمَّنَ لا يَضْبِط حِفْظَهُ أو كِتَابَه ضَبْطًا لا يُعْتَمَدُ عَلَيْه فِيْه؛ بَلْ المَقْصُوْدُ بَقَاءُ سِلْسِلَةِ الإسْنَادِ المَخْصُوْصِ بِهَذِه الأمَّةِ فِيْما نَعْلَمُ، وقَدْ كَفَانَا السَّلَفُ مَئُوْنَةَ ذَلِكَ، فاتِّصَالُ أصْلٍ صَحِيْحٍ بسَنَدٍ صَحِيْحٍ إلى مُصَنِّفِه كَافٍ، وإنْ فُقِدَ الإتْقَانُ في كُلِّهِم أو بَعْضِهِم“ انْتَهَى .
والله الموفق
وكَتَبَ/
(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به
الدِّيارُ الحِجازِيَّةُ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها الله
تمت بحمد الله