عنوان: إثبات كروية الأرض
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
يُنكِر البعض كروية الأرض ؛ لما يترتَّب على ذلك من آثارشرعية،كاختلاف جهة العلو وهو منافٍ لكون الله في العلو، ولذا جاء في: “فتاوي ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ”(13/108) ما نصُّه: “من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الأستاذ عبد البديع صقر المحترم. سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ثم وصل إلي كتابكم المؤرخ في 25/9/1375هـ وعلمت ما ذكرتم حول اعتراض البعض على بعض النظريات التي أرتم وضعها في منهج الدراسة مثل: كروية الأرض، وأوجه القمر.
وأفيدكم أنني أرى ترك التعليم فيما يتعلق بكروية الأرض وأوجه القمر، لأمرين: الأول أن هذا لا منفعة فيه، الثاني: أن في ذلك من تشويش عقائد الناس وبالأخص النشء وبلبلة أفكار الجهال ما لا يخفى، وحسب المسلمين تعلم ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم… والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(ص/م 2679 في 11/10/1375هـ)”انتهى.
ويُرد بأن كروية الأرض غدت اليوم حقيقة لاينكرها إلا جاهل أو مُكابِر، وقد حُكي الإتفاق عليها عند علماء الإسلام،ومنه قول الحافظ ابن الجوزي رحمه الله تعالى في أول كتابه: “المنتظم” :” لا اختلاف بين العلماء في أن السماء مثال الكرة، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدور الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين، أحدهما في ناحية الشمال، والآخر في ناحية الجنوب.
وكذلك أجمعوا على أن الأرض مثل الكرة، ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوحد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب، وكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء”انتهى،وقول النيسابوري في: “تفسيره”( 5/208) ” قال حكماء الإسلام : قد ثبت بالدلائل اليقينية أن الأرض كروية”انتهى، وقول ابن حزم رحمه الله تعالى في: “الفصل في الملل والأهواء والنحل”( 1/189)” قالوا إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية، والعامة تقول غير ذلك.
وجوابنا وبالله تعالى التوفيق: إن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم ـ رضي الله عنهم ـ لم يُنكروا تكوير الأرض، ولا يُحفظ لأحد منهم في دفعِه كلمة.
بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها قال الله عز وجل:” يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل “. وهذا أوضح بيان في تكوير بعضها على بعض، مأخوذ من كور العمامة وهو إدارتها، وهذا نص على تكوير الأرض”انتهى.
وعليه فلابد أن تختلف جهاتُ العلو بالنسبة لجهات الأرض الست،وهي فوق وتحت وأمام وخلف ويمين وشمال،وذلك لأنهاجسم مكوّر في الفضاء،وهو بدهي..ومعلوم أن الأرض مسكونة من جميع جهاتها، فالجهة التي هي فوق بالنسبة إلى سكان أهل المشرق هي تحت بالنسبة إلى سكان أهل المغرب،وهكذا…
وأما إثبات كون الله موصوفا بالعلو مع التنزيه عن المكان والجسم وما إليهما وفق قوله تعالى “إن الله كان علياً كبيراً” [النساء:34[،وقوله: “وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ “]البقرة : 255[ولا يلزم من كون جهتي العلو والسُّفل محالا على الله أن لا يوصف بالعلو؛ لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى ، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس ” انتهى.
لكن المَشهور عن السلف إثبات مِثل ذلك مع التَّنزيه دون تأويل،ومنه قول الإمام البَغوي رحمه الله تعالى في:”التفسير(3/236):”وأما أهل السنة فيقولون:الإستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف،يجب على الرَّجُل الإيمان به،ويَكِل العلم فيه إلى الله”
والله الموفق لا رب سواه
تمت بحمد الله