عنوان: إبطال رد حديث: “كان الله ولا شيء معه”
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
قرّر التقي ابن تيمية -وتبعه جماعة- أن وجود نوع الحوادث قديم، بحيث إنه مع الله لا قبله؛ حتى قال- كما في: “مجموع الفتاوي”(18/239) -: “وإن قُدِّر أن نوعها لم يزل معه فهذه المعية لم يَنْفها شرع ولا عقل! بل هي من كماله”انتهى.
لذا تكلموا في رواية: “كان الله ولا شيء معه”، وقد وقع كلامهم عن رواية: “ولاشيء معه” من جهتين:
الأولى: أنها ليست عند البخاري، حتى قال الألباني في : “تخريج شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز”(ص/139) : “رواية: (معه) لم أجدها عند البخاري!” ثم قال: “وكلام الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث يشعر بأن هذه الرواية (معه) لم يقف عليها”انتهى.
والمشار إليه هو قول الحافظ رحمه الله تعالى في “الفتح” (6/289 ) ” وقع في بعض الكتب في هذا الحديث ” كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان ” وهي زيادة ليست في شيء من كتب الحديث، نبه على ذلك العلامة تقي الدين بن تيمية، وهو مسلم في قوله، ” وهو الآن ” إلى آخره، وأما لفظ ” ولا شيء معه ” فرواية الباب بلفظ ” ولا شيء غيره ” بمعناها “انتهى. وهذا ليس فيه ما استشعره الألباني، بل فيه شيئان:
الأول: أن لفظ الباب المشروح هو ” ولا شيء غيره “، مع تنبيهه لعدم الاختلاف بين لفظ (غيره) و لفظ (معه)…وهو ما يخالف فيه ابن تيمية ومن اتبعه!
الثاني: أن رواية (كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان) ليست في شيء من كتب الحديث، والمراد جملة (وهو الآن على ما عليه كان)، وأن ابن تيمية نبه على ذلك.
وتنبيه ابن تيمية المشار إليه جاء في “جامع الرسائل” حيث قال ما نصه:”ومن أعظم الأصول التي يعتمدها هؤلاء الاتحادية، الملاحدة، المدعون للتحقيق والعرفان: ما ياثرونه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان الله ولا شيء معه، وهو الان على ما عليه كان). وهذه الزيادة وهو قوله: (وهو الان على ما عليه كان) كذب مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اتفق اهل العلم بالحديث على انه موضوع مختلق، وليس هو في شيء من دواوين الحديث، لا كبارها ولا صغارها، ولا رواه احد من اهل العلم بإسناد، لا صحيح ولا ضعيف، ولا باسناد مجهول، وانما تكلم بهذه الكلمة بعض متاخرى متكلمة الجهمية، فتلقاها منهم هؤلاء، الذين وصلوا الى اخر التجهم ـ وهو التعطيل والالحاد.
ولكن أولئك قد يقولون: كان الله ولا مكان ولا زمان، وهو الآن على ما عليه كان، فقال هؤلاء: كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما عليه كان، وقد اعترف بان هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم اعلم هؤلاء بالإسلام ابن عربي فقال في كتاب (ما لابد للمريد منه): وكذلك جاء في السنة: (كان الله ولا شيء معه) قال: وزاد العلماء: (وهو الان على ما عليه كان)، فلم يرجع إليه/ من خلقه العالم وصف لم يكن عليه، ولا عالم موجود، فاعتقد فيه من التنزيه مع وجود العالم ما تعتقده فيه ولا عالم ولا شيء سواه. وهذا الذي قاله هو قول كثير من متكلمي اهل القبلة.
ولو ثبت على هذا لكان قوله من جنس قول غيره، لكنه متناقض، ولهذا كان مقدم الاتحادية الفاجر التلمساني يرد عليه في مواضع يقرب فيها الى المسلمين، كما يرد عليه المسلمون المواضع التي خرج فيها الى الاتحاد.
وانما الحديث الماثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ما اخرجه البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: (كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السموات والارض)
وهذه الزيادة الالحادية، وهو قولهم: وهو الان على ما عليه كان، قصد بها المتكلمة المتجهمة نفى الصفات التي وصف بها نفسه، من استوائه على العرش، ونزوله الى السماء الدنيا، وغير ذلك فقالوا: كان في الازل ليس مستويا على العرش، وهو الان على ما عليه كان، فلا يكون على العرش لما يقتضي ذلك من التحول والتغير”انتهى.
ثم يؤكد بطلان ما استشعره الألباني أن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى قال في: “الفتح”(6/333): “وفي رواية غير البخاري (ولم يكن شيء معه)، والقصة متحدة فاقتضى ذلك أن الرواية وقعت بالمعنى” ا.هـ مع أن ابن تيمية قد عزا الرواية في مواضع ك”الصفدية”(1/15) إلى البخاري!
والله الموفق، لا رب سواه.
تمت بحمد الله